لم يتصرّف فيها لا لفظاً ولا معنى ، وتكلّم بما تكلّموا به من الألفاظ واللّغات.
إذن تكون تلك الأدلة مسوقة لامضاء المعاملات العرفية العقلائية ، وحيث إنّ المعاملات عندهم قسمان : فعلي وقولي ، إلاّفي بعض الموارد ، فتلك الأدلة تدل على إمضاء كلا القسمين إلاّفي بعض الموارد الخاصة التي اعتبر الشارع فيها اللفظ ، أو اللفظ الخاص كما في الطلاق والنكاح وما يشبههما ، وعليه فان دلّ دليل من قبل الشارع على اعتبار شيء جزءاً أو قيداً فنأخذ به ، وإن شككنا فيه فنتمسك باطلاقات تلك الأدلة ، ونثبت بها عدم اعتباره.
ومن هنا يظهر فساد ما ربّما يورد على الشهيد قدسسره (١) حيث قال :
إنّ الماهيات الجعلية كالصلاة والصوم وسائر العقود حقيقة في الصحيح ، ومجاز في الفاسد ، إلاّ الحج لوجوب المضي فيه ، مع أنّه قدسسره كغيره يتمسك باطلاقات المعاملات ، والحال أنّ الصحيحي لايمكنه التمسك بها لإجمال الخطاب.
ووجه الفساد هو ما عرفت من أنّه لا مانع من التمسك باطلاقات المعاملات على القول بالصحيح ، كما عرفت.
وعلى الجملة : فالمعاملات المأخوذة في موضوع أدلة الامضاء كالبيع ونحوه ، معاملات عرفية عقلائية ولم يتصرف الشارع فيها أيّ تصرف لا من حيث اللفظ ، ولا من حيث المعنى ، بل أمضاها بما لها من المفاهيم التي قد استقرّ عليها الفهم العرفي ، وتكلّم بالألفاظ التي كانت متداولة بينهم في محاوراتهم قبل الشريعة الاسلامية ، فحينئذ إن شكّ في اعتبار أمر زائد على ما يفهمه العرف والعقلاء فنتمسك باطلاق الأدلة وننفي بذلك اعتباره ، كما أنّه لم يكن معتبراً عند العرف ، إذ لو كان معتبراً للزم على الشارع المقدّس بيانه ، وحيث إنّه صلىاللهعليهوآله كان في مقام البيان ولم يبيّن ، فعلم عدم اعتباره.
__________________
(١) القواعد والفوائد ١ : ١٥٨.