العام والموضوع له العام ، ضرورة أنّه لا يمكن تفهيم جميع المعاني والأغراض التي تتعلّق الحاجة بابرازها بواسطة الألفاظ الموضوعة بازائها لو لم تكن لأنفسها أسامٍ خاصة يقع التفهيم والتفهم بها في مقام الحاجة ، بل إنّ ذلك مستحيل عادة كما لا يخفى.
وإن أراد بها قدسسره المراتب النازلة منها كالانسان والحيوان والشجر والحجر وما شاكل ذلك ، فيردّه أنّها غير متناهية باعتبار أجزائها من الجنس والفصل وعوارضها من اللازمة والمفارقة المتصورة لها ، وهكذا تذهب إلى غير النهاية ، بل يكفي لعدم تناهي هذه المعاني نفس مراتب الأعداد ، فانّك عرفت أنّ مراتبها تبلغ إلى حدّ لا نهاية له ، وكل مرتبة منها معنى كلّي لها أفراد وحصص في الخارج والواقع ، مثلاً العشرة مرتبة منها ، والحادي عشر مرتبة اخرى ، والثاني عشر مرتبة ثالثة وهكذا ، ولكل واحدة منها في الخارج أفراد تنطبق عليها انطباق الطبيعي على أفراده ، والكلي على مصاديقه.
فما أفاده قدسسره من أنّ المعاني الكلية متناهية غير صحيح. على أنّ التفهيم بها في جميع الموارد لا يخلو عن إشكال كما لا يخفى.
وكيف كان ، فقد ظهر من جميع ما ذكرناه أنّ الاشتراك ليس بواجب ، ولو سلّمنا إمكان وضع الألفاظ للمعاني غير المتناهية ، لعدم تناهي الألفاظ أيضاً.
وقد قيل باستحالة الاشتراك في اللغات ، لمنافاته المصلحة الباعثة للواضع إلى الوضع وهي التفهيم والتفهم في مقام الحاجة ، حيث إنّ إبراز المقاصد لا يمكن في جميع الموارد إلاّباللفظ ، وأمّا غيره كالاشارة أو نحوها فهو لا يفي بذلك في المحسوسات فضلاً عن المعقولات ، وعليه فصار الوضع ضرورياً لضرورة الحاجة إلى التفهيم والتفهم ، فالاشتراك بما أنّه يخل بذلك الغرض ويوجب الاجمال في المراد من اللفظ ، فهو محال صدوره من الواضع الحكيم ، لكونه لغواً محضاً.