فانّه يبتني على الالتزام بالأمرين المزبورين اللّذين هما مبتنيان على أصل وأساس واحد ، وهو الالتزام
بلزوم الموضوع في كل علم ، وقد سبق أنّه لا دليل عليه بصورة عامة وعرفت قيام الدليل على عدمه بصورة خاصة في بعض العلوم ، كعلم الفقه والاصول.
وتوهم أنّ وحدة العلم تدور مدار وحدة موضوعه ، فإذا فرض أنّه لا موضوع له فلا وحدة له ، مدفوع بأنّ وحدة كل علم ليست وحدة حقيقية ، لنحتاج إلى تكلف إثبات وجود جامع حقيقي بين موضوعات مسائله ، بل وحدته وحدة اعتبارية ، فانّ المعتبر يعتبر عدّة من القضايا والقواعد المتباينة بحسب الموضوع والمحمول علماً ويسميها باسم فارد من جهة اشتراكها في الدخل في غرض واحد.
ثمّ لو تنزلنا عن ذلك وسلّمنا لزوم الموضوع للعلم ، فلا دليل على اعتبار أن يكون البحث فيها عن العوارض الذاتية لموضوعه بالمعنى الذي فسّرها المشهور به ، والوجه في ذلك ما بيّناه من أنّ حقيقة العلم عبارة عن عدّة من المسائل والقواعد المختلفة موضوعاً ومحمولاً ، التي جمعها الاشتراك في غرض واحد ، وعليه فيبحث في كل علم عمّا له دخل في غرضه ، سواء كان من العوارض الذاتية في الاصطلاح ، أم كان من الغريبة ، ضرورة أنّه لا ملزم بأن يكون البحث عن العوارض الذاتية فقط ، بعد فرض دخل العوارض الغريبة أيضاً في المهم.
ولو تنزلنا عن هذا أيضاً وسلّمنا أنّ البحث في العلوم عن العوارض الذاتية لموضوعاتها ، إلاّ أنّه لا دليل على أنّ عوارض الأنواع ليست ذاتية للأجناس وبالعكس ، بل الصحيح أنّ ما يلحق الشيء بتوسط نوعه أو جنسه ذاتي له لا غريب ، بداهة أنّ المراد منه ليس ما يعرض الشيء أوّلاً وبالذات ومن دون