واسطة ، فانّ لازمه خروج كثير من محمولات العلوم التي لها دخل في الأغراض المترتبة عليها.
وبالجملة : لا وجه للقول بكون عوارض النوع غريبة للجنس ، فانّ البحث عنها لا بدّ منه في العلوم ، وبدونه لا يتم أمرها.
وعليه فنقول : لا بدّ من الالتزام بأحد أمرين : إمّا أن نلتزم بأنّ عوارض النوع ذاتية للجنس ، وإمّا أن نلتزم بأنّ المبحوث عنه في العلوم أعم من العوارض الذاتية والغريبة ، وهو : كل ما له دخل في الغرض ذاتياً كان أو غريباً ، ومع التنزل عن الثاني ، فلا مناص من الالتزام بالأوّل.
وعلى ذلك فملاك الفرق بينهما : هو أنّ ما له دخل في الغرض فليس بعرض غريب ، وما لا دخل له فيه غريب. ومن ذلك ظهر أنّه لا وجه لإطالة الكلام في المقام ، في بيان أنّ عارض النوع ذاتي للجنس وبالعكس ، أو لا ، كما صنعه شيخنا الاستاذ قدسسره (١) وغيره.
ثمّ إنّ مرادنا من العرض مطلق ما يلحق الشيء ، سواء كان من الامور الاعتبارية أم من الامور المتأصلة الواقعية ، لا خصوص ما يقابل الجوهر.
وأمّا الكلام في الجهة الثالثة : فقد اشتهر أنّ تمايز العلوم بعضها عن بعض بتمايز الموضوعات. وقد خالف في ذلك صاحب الكفاية قدسسره (٢) واختار أنّ تمايز العلوم بتمايز الأغراض المترتبة عليها الداعية إلى تدوينها ، كالاقتدار على الاستنباط في علم الاصول ، وصون اللسان عن الخطأ في المقال في علم النحو ، وصون الفكر عن الخطأ في الاستنتاج في علم المنطق ، وهكذا ....
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٨.
(٢) كفاية الاصول : ٨.