بالتراب أو الكلب بالملح فما هو ملاك الإنسانية أو الكلبية ـ وهو الصورة النوعية ـ قد انعدم وزال ووجدت حقيقة اخرى وصورة نوعية ثانية وهي :
صورة النوعية الترابية أو الملحية ، ومن الواضح أنّ الانسان أو الكلب لا يصدق على التراب أو الملح بوجه من الوجوه ، لأنّ الذات غير باقية وتنعدم بانعدام الصورة النوعية ـ وهي صورة الانسانية أو الكلبية ـ ومع عدم بقاء الذات لا يشملها النزاع ، ولا معنى لأن يقال إنّ الإطلاق عليها حقيقة أو مجاز.
وأمّا المادة المشتركة بين الجميع المعبّر عنها بالهيولى وإن كانت باقية ، إلاّ أنّها قوّة صرفة لافاضة الصور عليها ، وليست ملاكاً لشيء من هذه العناوين ، ولا تتصف بالانسانية أو الكلبية أو نحوها بحال من الأحوال.
وأمّا القسم الثاني من الجوامد ، وهو ما كان منتزعاً عن أمر خارج عن مقام الذات ، فهو داخل في محل النزاع ، كعنوان الزوج والرق والحر وما شاكل ذلك ، لأنّ الذات فيه باقية بعد انقضاء المبدأ عنها ، وحينئذ يشمله النزاع في أنّ الإطلاق عليها حال الانقضاء حقيقة أو مجاز.
وممّا يشهد لما ذكرناه من عموم النزاع لهذا القسم من الجامد أيضاً : ما ذكره فخر المحققين والشهيد الثاني قدسسرهما في الإيضاح (١) والمسالك (٢) من ابتناء الحرمة في المرضعة الثانية على النزاع في مسألة المشتق ، في من كانت له زوجتان كبيرتان وزوجة صغيرة وقد أرضعت الكبيرتان الصغيرة فتحرم عليه المرضعة الاولى لصدق أم الزوجة عليها ، والصغيرة لصدق بنت الزوجة عليها ، وإنّما الكلام والإشكال في المرضعة الثانية ، فقد ابتني الحرمة في هذه المسألة على النزاع في مسألة المشتق ، فبناءً على أنّه موضوع للأعم يصدق عليه عنوان امّ
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٣ : ٥٢.
(٢) المسالك ٧ : ٢٦٨.