الأفعال ولو آناً ما.
ومنها : ما يكون من قبيل الملكة والقوّة والاستعداد كما في المجتهد والمهندس والمفتاح والمكنسة وما شاكل ذلك ، والانقضاء فيها لا يكون إلاّبزوال القوّة والملكة والاستعداد ، فما دامت قوّة الاستنباط موجودة في المجتهد أو استعداد الفتح موجوداً في المفتاح مثلاً فالتلبّس فعلي وغير زائل. نعم ، إذا زالت الملكة عن شخص مثلاً كان صدق عنوان المجتهد عليه حقيقة داخلاً في محل الكلام.
ومنها : ما يكون من قبيل الحرفة والصنعة كما في الخيّاط والبنّاء والبزّاز والحدّاد والنسّاج والتمّار ونحو ذلك ، ويكون التلبّس بها بأخذ تلك المبادئ حرفة أو صنعة له ، فالبنّاء مثلاً هو من اتّخذ البناء حرفة له ، والانقضاء في مثل ذلك إنّما يكون بترك هذه الحرفة ، فما دام لم يتركها ولم يعرض عنها فالتلبّس فعلي وإن لم يشتغل بالبناء فعلاً ، ففعلية التلبّس بتلك المبادئ تدور مدار اتخاذها شغلاً وكسباً ، وانتسابها إلى الذات ، سواء كان ذلك الانتساب انتساباً حقيقياً كما في الخياط والنسّاج وما شاكلهما ، أم كان انتساباً تبعياً كما في البقال والبزّاز والتامر واللابن والحدّاد وأمثالها ، لأنّ موادها ومبادءها من أسماء الأعيان ، ومن المعلوم أنّها غير قابلة للانتساب إلى الذات حقيقة ، فلا محالة يكون انتسابها إليها بتبع اتخاذ الفعل المتعلق بها حرفة وشغلاً ، فمن اتّخذ بيع التمر شغلاً له صار التمر مربوطاً به تبعاً ، ومن اتّخذ بيع اللبن شغلاً صار اللبن مربوطاً به وهكذا.
ثمّ إنّ كون التلبّس بالمادة على نحو القوّة والاستعداد ، قد يكون من جهة أنّ المادة موضوعة لذلك كما في الاجتهاد ونحوه ، وقد يكون من جهة استفادة ذلك من الهيئة كما في المكنس والمفتاح ، فانّ المادة فيهما وهي الفتح والكنس ظاهرة في الفعلية ، لا في القابلية والاستعداد ، ولكن الهيئة فيهما موضوعة لافادة تلبس