حسب اختلاف الموارد ومقتضياتها ، ومن ثمّ لا يكون لذلك ضابط كلّي ، فقد يكون الاستعمال في المعنى المجازي أكثر من الاستعمال في المعنى الحقيقي ، وقد يكون بالعكس ، وقد يكون لمعنى واحد حقيقي معانٍ متعددة مجازية ، بل ربّما تزداد المعاني المجازية بمرور الزمن.
وثانياً : أنّ استعمال المشتق في موارد الانقضاء وإن كان كثيراً ولا شبهة فيه ، إلاّ أنّه لم يعلم أنّ هذه الاستعمالات بلحاظ حال الانقضاء ، بل الظاهر أنّها كانت بلحاظ حال التلبس ، ولا إشكال في أنّ هذه الاستعمالات على هذا حقيقة ، فانّها استعمالات في المتلبس واقعاً ، فاطلاق ( ضارب عمرو ) على زيد باعتبار زمان تلبسه به لا باعتبار اتصافه به فعلاً ... وهكذا. إذن فلا صغرى للكبرى المذكورة ، وهي أنّ كثرة استعمال اللفظ في المعنى المجازي لا تلائم حكمة الوضع ، فانّه لا مجاز على هذا ليكون الاستعمال فيه أكثر.
والنتيجة : أنّ الاستعمالات التي جاءت في كلمات الفصحاء في موارد الانقضاء ليس شيء منها بلحاظ حال الانقضاء ، بل إنّ جميعها بلحاظ حال التلبّس فتكون حقيقة لا مجازاً.
ثمّ إنّ استعمال المشتق في المنقضي بلحاظ حال الانقضاء وإن كان محتملاً في القضايا الخارجية في الجملة ، إلاّ أنّه في القضايا الحقيقية غير محتمل ، فانّ الاستعمال فيها دائماً في المتلبس دون المنقضي ، بل لا يعقل فيها حال الانقضاء ، وهذا كما في قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) (١) وقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (٢) فانّ المقصود منهما أنّ
__________________
(١) النور ٢٤ : ٢.
(٢) المائدة ٥ : ٣٨.