الاجمال والتفصيل الفارقان بين المحدود والحد ، مع ما هما عليه من الاتحاد ذاتاً ، فالعقل بالتعمل يحلّل النوع ويفصّله إلى جنس وفصل بعد ما كان أمراً واحداً إدراكاً ، وشيئاً فارداً تصوراً ، فالتحليل يوجب فتق ما هو عليه من الجمع والرتق (١).
وجه الغرابة : هو ما عرفت من أنّ ما يصلح لأن يكون مورد البحث والنزاع هو البساطة والتركيب بحسب التحليل العقلي ، لا بحسب الإدراك والتصور ، ضرورة أنّ البساطة اللحاظية لاتصلح لأن تكون محوراً للبحث ومركزاً لتصادم الأدلة والبراهين العقلية ، بل لا تقع تحت أيّ بحث علمي كما لا يخفى. وقد أشرنا آنفاً أنّ المرجع في إثباتها فهم العرف ، لأنّ واقعها انطباع صورة علمية واحدة في مرآة الذهن ، سواء أكانت قابلة للانحلال في الواقع ـ كمفهوم الإنسان ونحوه ـ أم لم تكن. فمناط البساطة اللحاظية وحدة المفهوم إدراكاً ، بل وحدة المفهوم في مرحلة التصور في كل مفهوم ومدلول للفظ واحد ممّا لم يقع لأحدٍ فيه شك وريب.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ المحقق صاحب الكفاية قدسسره بالنتيجة من القائلين بالتركيب لا البساطة.
وكيف كان ، فالمشهور بين الفلاسفة والمتأخرين من الاصوليين منهم شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) بساطة المفاهيم الاشتقاقية ، وقد أصرّوا على أنّه لا فرق بينها وبين المبادئ حقيقةً وذاتاً ، وإنّما الفرق بينهما بالاعتبار ولحاظ الشيء مرّةً لا بشرط ، وبشرط لا مرّة اخرى ، خلافاً لجماعة منهم شيخنا المحقق
__________________
(١) كفاية الاصول : ٥٤ ـ ٥٥.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٩٧.