ويرد عليه : أنّه إن كان هذا مجرد اصطلاح ، فلا مشاحة فيه ، وإلاّ فلا وجه له أصلاً ، وذلك لأنّ الظاهر أنّ الاشتقاق منه بحسب معناه الاصطلاحي ، وعليه فلو كان معناه الاصطلاحي القول المخصوص لم يمكن الاشتقاق منه لأنّه جامد ، ومن الطبيعي أنّ مبدأ المشتقات لا بدّ أن يكون معنىً حدثياً قابلاً للتصريف والتغيير ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أن يكون المبدأ خالياً عن جميع الخصوصيات ، ليقبل كل خصوصية ترد عليه.
ومن ثمة قلنا في بحث المشتق (١) إنّ المصدر لا يصلح أن يكون مبدأً له ، لعدم توفر الشرط الأساسي للمبدأ فيه ، وهو خلوّه عن جميع الأشكال والصور المعنوية واللفظية ، حتّى يقبل أيّة صورة ترد عليه ، نظير الهيولى في الأجسام ، حيث إنّها فاقدة لكل صورة افترضت ، ولذا تقبل كل صورة ترد عليها بشتّى أنواعها وأشكالها ، وبطبيعة الحال أنّها لو لم تكن فاقدةً لها فلا تقبل صورة اخرى ، لوضوح إباء كل صورة عن صورة اخرى ، وكل فعلية عن فعلية ثانية.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين : هي أنّ القول المخصوص لا يصلح أن يكون مبدأً للمشتقات ، وأن يجعله شقة شقة ، لاستحالة تصريفه وورود هيئة اخرى عليه ، فيكون نظير الجملة والمفرد والكلمة والكلام وما شاكل ذلك ممّا هو اسم لنفس اللفظ ، فانّها غير قابلة لأن تشتق منها المشتقات ، لعدم توفر الركيزتين الأساسيتين للمبدأ فيها : المعنى الحدثي ، الخلو من الخصوصيات.
نعم ، التلفظ بالقول المخصوص قابل لأن تشتق منه المشتقات وترد عليه الهيئات والصور ، وذلك لأنّ التلفظ إن لوحظ بنفسه مع عدم ملاحظة شيء
__________________
(١) في ص ٣١٩.