..........
______________________________________________________
الرابعة : أنّ الشقاوة والسعادة صفتان ذاتيتان للانسان.
الخامسة : أنّ منشأ العقاب والثواب إنّما هو الشقاوة والسعادة الذاتيتان اللازمتان للذات.
أمّا النقطة الاولى والثانية والثالثة : فقد تقدّم الكلام فيها في ضمن البحوث السالفة بشكل موسع من دون حاجة إلى الاعادة.
وأمّا النقطة الرابعة : فان أراد بالذاتي الذاتي في باب الكلّيات أعني الجنس والفصل فهو واضح الفساد ، بداهة أنّ السعادة والشقاوة ليستا جنسين للانسان ولا فصلين له ، وإلاّ لكانت حقيقة الانسان السعيد مباينة لحقيقة الانسان الشقي وهو كما ترى ، فعندئذ لا محالة يكون مراده منه الذاتي في باب البرهان ، وعليه فنقول :
إن أراد به الذاتي بمعنى العلّة التامّة ، يعني أنّ شقاوة الشقي علّة تامّة لاختياره الكفر والعصيان ، وسعادة السعيد علّة تامّة لاختياره الايمان والاطاعة ، فيردّه :
البرهان والوجدان من ناحية ، والكتاب والسنّة من ناحية اخرى.
أمّا الأوّل : فمضافاً إلى ما تقدّم في ضمن البحوث السالفة بصورة مفصّلة من نقد نظريّة الجبر وإثبات الاختيار ، أنّ الشقاوة والسعادة لو كانتا كذلك لزم هدم أساس كافّة الشرائع والأديان وأصبح كون بعث الرسل وإنزال الكتب لغواً محضاً ، فلا تترتّب عليه أيّة فائدة ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : لزم من ذلك هدم أساس التحسين والتقبيح العقليين اللذين قد التزم بهما العقلاء لحفظ نظم حياتهم المادية والمعنوية وإبقاء نوعهم. فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين : هي أنّه لا يمكن الالتزام بذلك.
وأمّا الثاني : فلأنّ الوجدان حاكم بالاختيار ، وأ نّه ليس في كمون ذات الانسان ما