لا يسقط عنه.
ويمتاز هذا الوجه عن الوجهين الأوّلين بنقطة واحدة ، وهي أنّ في الوجهين الأوّلين يدور أمر الواجب بين كونه تعيينياً أو تخييرياً ، ولا صلة لهما بالوجوب.
وفي هذا الوجه يدور أمر الوجوب بين كونه مطلقاً أو مشروطاً ولا صلة له بالواجب.
ثمّ إنّ هذا الوجه وإن كان بحسب الواقع أمراً معقولاً ومحتملاً ولا محذور فيه أصلاً ، إلاّ أنّ الاطلاق في مقام الاثبات يقتضي عدم الاشتراط وأ نّه لا يسقط عن ذمّة المكلف بقيام غيره به ، ومن الطبيعي أنّ الاطلاق في هذا المقام يكشف عن الاطلاق في ذاك المقام بقانون التبعية. ومن هنا ذكرنا في بحث الفقه في مسألة تحنيط الميت (١) أنّ مقتضى إطلاق خطابه المتوجه إلى البالغين هو عدم سقوطه بفعل غيرهم وإن كانوا مميزين. وقد تحصّل من ذلك : أنّ مقتضى إطلاق كل خطاب متوجه إلى شخص خاص أو صنف هو عدم سقوطه عنه بقيام غيره به ، فالسقوط يحتاج إلى دليل.
فالنتيجة على ضوء ما ذكرناه تظهر أنّ ما هو المعقول والمحتمل بحسب الواقع من الوجوه المذكورة هو الوجه الأخير ، أعني الشك في الاطلاق والاشتراط ، دون الوجه الأوّل والثاني كما عرفت. وعندئذ فلا مناص من إرجاع الشك في أمثال المسألة إلى ذلك بعد افتراض عدم معقولية الوجه الأوّل والثاني.
وعلى هذا فلو شككنا في سقوط الواجب عن وليّ الميت مثلاً بفعل غيره تبرّعاً أو استنابةً ، فبطبيعة الحال يرجع الشك في هذا إلى الشك في الاطلاق والاشتراط ، وسيأتي في ضمن البحوث الآتية بشكل موسّع أنّ مقتضى إطلاق
__________________
(١) شرح العروة ٩ : ١٦٥ المسألة [٩٢٤].