تكون اختيارية كما في مثل قولنا : ضرب زيد ، وقام عمرو وما شاكلهما. وقد تكون غير اختيارية كما في مثل قولنا : تحقق موت زيد ، وأسرع النبض ، وجرى الدم في العروق ، ونحو ذلك. فالنتيجة : أنّه لا أساس لأخذ الاختيار في الأفعال لا مادّةً ولا هيئةً.
ولكن شيخنا الاستاذ قدسسره (١) قد ادّعى في المقام أنّ صيغة الأمر أو ما شاكلها ظاهرة في الاختيار ، لا من ناحية دعوى الانصراف ، فانّها ممنوعة ، بل لخصوصية فيها ، واستدلّ على ذلك بوجهين :
الأوّل : أنّ الغرض من الأمر الصادر من المولى إلى العبد هو بعثه وإيجاد الداعي له لتحريك عضلاته نحو إيجاد المأمور به ، ومن الطبيعي أنّ هذا يستلزم كون المتعلق مقدوراً له وإلاّ لكان طلبه لغواً محضاً ، لعدم ترتب الغرض المذكور عليه ، وصدور اللغو من المولى الحكيم مستحيل.
وعلى هذا فبطبيعة الحال يكون المطلوب في باب الأوامر حصّة خاصّة من الفعل وهي الحصّة المقدورة ، وتلك الحصّة هي الواجبة على المكلف دون غيرها ، ولا يسقط الواجب عنه إلاّباتيان تلك الحصّة. وعليه فإذا شككنا في سقوط واجب بمجرد تحققه في الخارج ولو بلا اختيار ولا إرادة ، فمقتضى إطلاق الأمر عدم سقوطه ، لأنّ إجزاء غير الواجب عن الواجب يحتاج إلى دليل. فالنتيجة :
أنّا لا نقول بأنّ الاختيار جزء مدلول المادة أو الهيئة ، أو أنّها عند الاطلاق منصرفة إلى هذا ، وذلك لأنّ هذه الدعوى ساقطة لا واقع لها أصلاً ، بل نقول : إنّه كان من خصوصيات الطلب والبعث المستفاد من الصيغة أو ما شاكلها ومن شؤونه ، فإذن تمتاز صيغة الأمر أو ما شابهها عن بقية الأفعال في هذه النقطة
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٣.