كان الجامع مأخوذاً فلا بدّ أن يكون الجامع بين بقية الدواعي ، وهو غير مأخوذ قطعاً وإلاّ لم تكن العبادة صحيحةً بدون أحد تلك الدواعي وإن كانت مع قصد الأمر.
والجواب عنه يظهر ممّا حققناه سابقاً (١) وحاصله : هو أنّ الاطلاق عبارة عن رفض القيود وملاحظة عدم دخل شيء من الخصوصيات فيه من الخصوصيات النوعية أو الصنفية أو الشخصية ، وليس عبارة عن الجمع بين القيود والخصوصيات. وعلى هذا فلا مانع من أخذ الجامع بين جميع هذه الدواعي القربية في العبادات ، ولايستلزم عدم اعتبار كل واحد من تلك الدواعي فيها عدم أخذ الجامع ، وذلك لأنّ معنى أخذ الجامع ليس أخذ خصوص قصد الأمر وقصد المحبوبية وقصد الملاك ونحو ذلك من الدواعي في المتعلق ليلزم المحذور السابق ، لما عرفت من أنّه يقوم على أساس أن يكون معنى الاطلاق هو الجمع بين القيود ولحاظ دخل الجميع فيه ، ولكن قد عرفت خطأ هذا التفسير ، بل معناه لحاظ عدم دخل شيء منها فيه ، ومن الطبيعي أنّه لا محذور في ذلك ، فانّ المحذور إنّما هو في أخذ خصوص قصد الأمر لا في عدم أخذه ، وهكذا.
ومن هنا قلنا إنّه لو أمكن للمكلف إيجاد المطلق المعرى عنه جميع الخصوصيات فقد حصل الغرض وامتثل الأمر. مثلاً ففي مثل قولنا : اعتق رقبةً ، الذي لاحظ المولى طبيعي الرقبة من دون ملاحظة خصوصية من الخصوصيات فيها ، لو تمكن المكلف من إيجاد عتق الرقبة خالياً عن تمام الخصوصيات لامتثل الأمر.
فالنتيجة لحدّ الآن قد أصبحت : أنّه لا مانع من أخذ خصوص قصد الأمر
__________________
(١) في ص ٥٣٠.