وأمّا الركن الثالث : وهو الفرق بين الايجاد في الانشاء والايجاد في الحروف ، فيظهر فساده بما ذكرناه من أنّ معانيها ليست إيجادية ليكون الفرق بينهما مبتنياً على ما ذكره قدسسره من أنّه لا وعاء لها غير الاستعمال والتركيب الكلامي ، وهذا بخلاف الايجاد في الانشاء فانّ له وعاءً مناسباً وهو عالم الاعتبار.
وأمّا الركن الرابع : وهو أنّ حال المعاني الحرفية حال الألفاظ حين استعمالاتها فيتّضح بطلانه أيضاً بما تقدّم.
ثمّ إنّ من الغريب جدّاً أنّه قدسسره جعل هذا الركن هو الركن الوطيد في المقام ، وذكر أنّ بانهدامه تنهدم الأركان كلّها ، فانّ المعنى الحرفي لو كان ملتفتاً إليه لكان إخطارياً وكان له واقع غير التركيب الكلامي ، وذلك لأنّه مضافاً إلى ما بيّناه من أنّ المعنى الحرفي كالمعنى الاسمي مقصود في مقام التفهيم ، أنّ الملاك في إخطارية المعنى استقلاليته بالذات كما عرفت لا الالتفات إليه واللحاظ الاستقلالي ، ضرورة أنّ الالتفات إلى المعنى لا يجعله إخطارياً إذا لم يكن مستقلاً بحد ذاته ، بحيث كلّما يطلق يخطر في الذهن ولو كان وحده ولم يكن في ضمن تركيب كلامي ، ومن هنا قلنا : إنّ المعنى الحرفي مع كونه ملتفتاً إليه غير إخطاري ، لعدم استقلاله في عالم مفهوميته.
وأمّا ما ذكره قدسسره خامساً ، من أنّ جميع ما يكون النظر إليه آلياً يشبه المعاني الحرفية ، فيرد عليه :
أوّلاً : ما ذكرناه الآن من أنّ النظر إلى المعنى الحرفي كالنظر إلى المعنى الاسمي استقلالي.
وثانياً : لو تنزلنا عن ذلك ، وسلّمنا أنّ النظر إليه آلي ، إلاّ أنّه لا يكون ملاكاً لحرفية المعنى ، كما أنّ اللحاظ الاستقلالي لا يكون ملاك الاسمية بل ملاك المعنى