معنون هذا العنوان وواقعه.
ومن ثمة كان المتبادر من إطلاق لفظ الربط والنسبة واقعه لا مفهومه ، فانّ إرادته تحتاج إلى عناية زائدة ، كما هو الحال في قولهم : شريك الباري ممتنع ، واجتماع النقيضين مستحيل ، والمعدوم المطلق لا يخبر عنه ، فانّ المحكوم به بهذه الأحكام معنونات هذه الامور ، لا مفاهيمها فانّها غير محكومة بها ، كيف وأ نّها موجودة وغير معدومة ولا ممتنعة.
تحصّل ممّا ذكرناه : أنّ الحروف موضوعة لأنحاء النسب والروابط مطلقاً ، سواء كانت بمفاد هل المركبة ، أم بمفاد هل البسيطة ، أم كانت من النسب الخاصة المقوّمة للأعراض النسبية ، ككون الشيء في الزمان أو المكان ، أو نحو ذلك.
وأمّا الموضوع بازاء مفاهيمها فهي ألفاظ النسبة والربط ونحوهما من الأسماء ، المحكية عنها بتلك الألفاظ ، لا بالحروف والأدوات ، هذا ملخّص ما أفاده شيخنا المحقق قدسسره.
أقول : يقع الكلام هنا في مقامين :
المقام الأوّل : في أنّ للنسبة والربط وجوداً في الخارج في مقابل وجودي الجوهر والعرض ، أم لا؟
المقام الثاني : على تقدير تسليم أنّ لها وجوداً ، فهل الحروف موضوعة لها؟
أمّا الكلام في المقام الأوّل : فالصحيح هو أنّه لا وجود لها في الخارج في قبال وجود الجوهر أو العرض ، وإن أصرّ على وجودها جماعة من الفلاسفة.
والوجه في ذلك : هو أنّه لا دليل على ذلك سوى البرهان المذكور وهو غير تام ، وذلك لأنّ صفتي اليقين والشك وإن كانتا صفتين متضادتين فلا يكاد يمكن أن تتعلّقا بشيء في آن واحد من جهة واحدة ، إلاّ أنّ تحققهما في الذهن لايكشف