والانتزاعيات كالامكان والامتناع ونحوهما ، والاعتباريات كالأحكام الشرعية والعرفية بلا لحاظ عناية في البين ، مع أنّ تحقق النسبة في تلك الموارد حتى بمفاد هل البسيطة مستحيل ، وجه الصحّة : هو أنّ الحروف وضعت لافادة تضييق المعنى في عالم المفهومية مع قطع النظر عن كونه موجوداً في الخارج أو معدوماً ، ممكناً كان أو ممتنعاً ، فانّها على جميع التقادير تدل على تضييقه وتخصيصه بخصوصية ما على نسق واحد ، فلا فرق بين قولنا : ثبوت القيام لزيد ممكن ، وثبوت القدرة لله تعالى ضروري ، وثبوت الوجود لشريك الباري ممتنع ، فكلمة اللام في جميع ذلك استعملت في معنى واحد ، وهو تخصص مدخولها بخصوصية ما في عالم المعنى ، بلا نظر لها إلى كونه محكوماً بالامكان في الخارج أو بالضرورة أو بالامتناع ، فان كل ذلك أجنبي عن مدلولها ، ومن هنا يكون استعمالها في الواجب والممكن والممتنع على نسق واحد بلا لحاظ عناية في شيء منها.
نعم ، إنّها تحدث الضيق في مقام الاثبات والدلالة ، وإلاّ لبقيت المفاهيم الاسمية على إطلاقها وسعتها ، وهذا غير كون معانيها إيجادية ، وكم فرق بين الايجادية بهذا المعنى والايجادية بذلك المعنى.
وأمّا بحسب مقام الثبوت فهي تكشف عن تعلق قصد المتكلم بافادة ضيق المعنى الاسمي ، فما يستعمل فيه الحرف ليس إلاّ الضيق في عالم المفهومية من دون لحاظ نسبة خارجية ، حتى في الموارد الممكنة كما في الجواهر والأعراض فضلاً عما يستحيل فيه تحقق نسبة ما كما في صفات الواجب تعالى وما شاكلها.
وعلى الجملة : حيث إنّ الأغراض تختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والحالات فالمستعملون بمقتضى تعهداتهم النفسانية يتعهدون أن يتكلموا بالحروف أو ما يشبهها عند تعلق أغراضهم بتفهيم حصص المعاني وتضييقاتها ،