أقول : ما ذكره قدسسره مبني على ما هو المشهور بينهم بل المتسالم عليه ، من أنّ الجمل الخبرية موضوعة لثبوت النسبة في الخارج أو عدم ثبوتها فيه ، فان طابقت النسبة الكلامية النسبة الخارجية فصادقة وإلاّ فكاذبة ، وأنّ الجمل الانشائية موضوعة لايجاد المعنى في الخارج الذي يعبّر عنه بالوجود الانشائي ، كما صرّح قدسسره به في عدّة من الموارد (١) وقال : إنّ الوجود الانشائي نحو من الوجود ، ولذا لا تتصف بالصدق أو بالكذب ، فانّه على هذا لا مانع من أن يكون المعنى واحداً في كلتا الجملتين ، وكان الاختلاف بينهما من ناحية الداعي إلى الاستعمال.
أقول : يقع الكلام هنا في مقامين :
المقام الأوّل : في الجملة الخبرية.
والمقام الثاني : في الجملة الانشائية.
أمّا الكلام في المقام الأوّل : فالصحيح هو أنّ الجملة الخبرية موضوعة
__________________
تعلّقه به ، وهذا خلاف الوجدان والبرهان. [ نهاية الأفكار ١ : ٥٧ ].
ولكن لا يمكن المساعدة عليه ، فلأن ما ذكره أوّلاً يرد عليه : أنّ الكلام المفيد الذي يصحّ السكوت عليه لا ينفك عن قصد الحكاية أو الإنشاء كما هو ظاهر.
ويرد على ما ذكره ثانياً : أنّه مبني على أخذ الإرادة في المعنى الموضوع له والمستعمل فيه ، ولكن الأمر ليس كذلك ، فانّ المعنى الموضوع له على ما هو عليه من الإطلاق والسعة من دون تقييده بقصد الحكاية والإيجاد ، بل هي مأخوذة في العلقة الوضعية بمعنى أنّها تقيدت في الإنشاء بقصد الإيجاد في مقام الاستعمال ، وبقصد الحكاية في الاخبار.
(١) منها ما في الكفاية : ٦٦.