ترتّبه عليه وإن كان أخذه فيه على نحو الطريقية. نعم لو كان مرجع جعل الحجّية للأمارة هو تنزيلها منزلة العلم لكان لازمه ترتيب آثار العلم الموضوعي عليها ، فراجع ما حرّرناه في ذلك الباب.
ولا يخفى أنّ إنكار قيام الأمارة ـ بمجرّد دليل حجّيتها بعد البناء على أن ليس مفاده إلاّجعل صفة الاحراز لها ـ مقام القطع الموضوعي لا ينافي حكومتها على الأُصول ، لأنّ حكومتها عليها ليس بمنوط بقيامها مقام العلم الموضوعي المأخوذ غاية في الأُصول ، بل يكفي في حكومتها على الأُصول هو أنّ الاحراز التعبّدي يكون رافعاً لما هو موضوع الأُصول وهو الشكّ رفعاً تعبّدياً ، فإنّ جعل الاحراز تعبّداً عين رفع الشكّ تعبّداً.
وبذلك تندفع شبهة أنّ الاحراز التعبّدي وتكوين الأمارة علماً لا يرفع الشكّ الوجداني الذي هو موضوع الأُصول ، لما عرفت من أنّ جعل قيام الأمارة على النجاسة إحرازاً للنجاسة عبارة أُخرى عن الحكم بارتفاع الشكّ فيها ، وبه يرتفع موضوع الأُصول ارتفاعاً تعبّدياً ، من دون حاجة إلى أن تكون الأمارة قائمة مقام العلم الذي أُخذ غاية في الأُصول ، لأنّ هذه الغاية إنّما هي غاية للحكم المجعول بالأصل المفروض كون موضوعه هو الشكّ ، وبعد ارتفاع الموضوع لا نحتاج إلى قيام رافعه مقام غاية الحكم الوارد عليه.
وإن شئت فقل : إنّ هذه الغاية ليست أمراً آخر وراء الموضوع ، بل إنّ تلك الغاية ليست إلاّعبارة عن أنّ هذا الحكم يكون باقياً ما دام الشكّ ، وقد تقدّم في التنبيه الثاني (١) الراجع إلى جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية المحرزة بالأمارات بل وبسائر الأُصول حتّى الاستصحاب نفسه ما له نفع في هذا المقام
__________________
(١) في المجلّد التاسع من هذا الكتاب الصفحة : ٢١٠ وما بعدها.