وإمّا أن يقال : إنّ كلّ واحدة من اليدين مستقلّة ولكنّها على النصف لا على المجموع ، وحينئذ لا تدافع بينهما ، ويكون حالهما حال ما لو كانت إحدى اليدين على النصف الشرقي والأُخرى على النصف الغربي.
وإمّا أن يقال : بأنّ كلاً منهما مستقلّة ولكن ما تحت اليد هو المجموع لا النصف ، وحينئذ يكون كلّ يد قاضية بمالكية صاحبها للمجموع ، فإن صحّحنا تعدّد الملاّك مع وحدة المملوك فهو ، وإلاّ وقع التعارض بين اليدين كالتعارض بين البيّنتين ، وحينئذ يلزم الرجوع إلى قاعدة المال المردّد بأن نحكم فيه بالتنصيف بينهما. والذي اختاره السيّد قدسسره في كتاب القضاء الملحق بالعروة (١) هو الثاني ، واستشهد لإمكان تعدّد المالك مع وحدة المملوك بالزكاة والخمس ، ولتعدّده شخصاً بمسألة الوقف على شخصين أو بالوصية التمليكية لهما على نحو المصرف ، وبالخيار الواحد الموروث لمتعدّد ، وبولاية الأب والجد.
ولكن كلّ هذه الشواهد قابلة للتأمّل. أمّا الزكاة فهي بعد عزلها مثلاً إن قلنا بأنّها غير مملوكة وإنّما هي زكاة وإنّما يملكها شخص الفقير عند الدفع إليه ، فلا دخل لها بما نحن فيه ، وإن قلنا إنّها مملوكة لكلّي الفقير فهو وإن كان كلّياً إلاّ أنّه غير متعدّد ، غايته أنّه عند الدفع إلى الفقير المعيّن يملكها عند القبض. ومنه يظهر الحال في الخمس.
وأمّا وقف المصرف فكذلك ، لأنّه قبل الدفع لا يملكه هذا ولا ذاك ، وإنّما تتحقّق الملكية عند القبض لو قلنا إنّ المصرف يملك بالقبض ، وإلاّ لم تتحقّق الملكية وإن فنى المال في صرفه عليه ، ويكون المال خارجاً عن كونه مال الوقف [ بدفعه ] إلى البايع الذي يبيع الخبز مثلاً ، وحينئذ يكون الخبز عائداً إلى الوقف ،
__________________
(١) العروة الوثقى ٦ : ٥٨٩.