بخلاف البيّنة فإنّها بوجود معارضها لا تخرج عن الحكاية عن مالكية التمام.
وإن شئت قلت : إنّ اليدين كاشفتان عن ملكية ما تحتهما لأربابهما ، لا أنّ كلّ واحدة منهما كاشفة عن مالكية صاحبها لما تحتها كما لو كانت وحدها ، فيكون نسبة كلّ من اليدين إلى الأُخرى من قبيل القرينة وذي القرينة ، بحيث يكون هذا الانضمام قرينة على أنّ ما تحكيه اليد التي هي على الجميع إنّما هو ملكية النصف. وينبغي مراجعة قضاء البلغة ص ٣٣٩ وص ٣٤٠ (١) ، فإنّ ظاهر ما أفاده هناك هو هذا الذي شرحناه هنا ، لكنّه قدسسره فيما نحن فيه ـ أعني قاعدة اليد ـ أفاد ما هذا نصّه : الرابع : لو اشترك اثنان أو أكثر فيما يصدق به اليد عرفاً ، فهل الثابت به يد واحدة لهما ، فلا يد لكلّ واحد منهما ، أو يثبت به يد لكلّ واحد منهما وتتعدّد الأيدي حينئذ ، وعليه فهل تختصّ اليد بالبعض نصفاً أو ثلثاً بحسب تعدّد الشركاء ، فيكون له اليد على النصف أو الثلث ، أو لكلٍّ يد على كلّ العين وجميعها وإن زوحم بمثلها عليه ، فعلى الأوّل لا تعارض بين اليدين لاختلاف متعلّقهما ، وعلى الثاني كان من تعارض اليدين لاتّحاد المتعلّق فيهما.
وتظهر الثمرة بينهما فيما لو غصب العين اثنان دفعة فتلفت عندهما ، رجع المالك عليهما معاً بالمناصفة أو بالمثالثة بحسب تعدّد الشركاء على الأوّل ، وله الرجوع على من شاء منهما أو عليهما بالتوزيع على التساوي أو على التفاضل على حدّ تعاقب الأيدي على الثاني (٢).
وهذا التفريع لا يخلو عن تأمّل ، فإنّ يد الضمان لا تقاس باليد المالكة ، ولو تمّ القياس لكان القول بتعارض اليدين في المالكية موجباً لتعارضهما في
__________________
(١) بلغة الفقيه ٣ : ٣٨٨ وما بعدها.
(٢) بلغة الفقيه ٣ : ٣٢١.