وإن شئت فقل : إنّ مستصحبنا عدالة شخصية خارجية ، لا أن زيداً لو كان حياً لكان عادلاً ، فتأمّل وانتظر ما سيأتي (١) في توضيح هذه الجملة ممّا يندفع به أغلب إشكالاتنا السابقة واللاحقة.
وقد يقال : إنّ فرض المسألة الأُولى هو أنّ العدالة مشكوكة في حدّ نفسها بحيث نحتمل أنّه طرأه الفسق ، فنحن نستصحب عدالة زيد من أوّل الشهر مثلاً إلى آخر زمان حياته في الواقع ، سواء لم تنته حياته حتّى الآن أو أنّها انتهت بالأمس ، فإذا أحرزنا عدالته مدّة حياته لم يبق لنا شكّ إلاّفي حياته الآن ، واستصحاب الحياة يحرزها لنا إلى الآن. وهذا التقريب بعينه يجري في الصورة الثالثة ، لكنّه لا يجري في الصورة الثانية ، لعدم الاحتياج فيها إلى استصحاب العدالة مدّة الحياة لكونها معلومة ، فإنّا نعلم بأنّ زيداً ما دام حياً لم يخرج عن العدالة ، وإنّما شكّنا في أنّ أمد حياته هل انتهى فيجري الاستصحاب في الحياة فقط.
وفيه : ما لا يخفى من أنّ استصحاب الحياة حينئذ في الصورة الثانية يكون مثبتاً ، لأنّ الأثر وهو جواز التقليد يتوقّف ثبوته فعلاً على إحراز الاتّصاف بالعدالة فعلاً ، وضمّ علمنا بأنّه مدّة حياته لم يخرج عن العدالة إلى استصحاب الحياة إلى الآن ، يلزمه أنّه متّصف الآن بالعدالة ، فلا يكون الأصل المذكور إلاّمثبتاً ، كما أنّ ضمّ علمنا بأنّ زيداً الطفل سابقاً لو بقي حياً إلى الآن لنبتت لحيته إلى استصحاب حياته إلى الآن ، يلزم أنّه فعلاً صاحب لحية. وإذا تحقّق الاثبات في الصورة الثالثة يتحقّق في الصورة الأُولى ، لأنّ ضمّ الحكم التعبّدي ببقاء عدالة زيد مدّة حياته إلى الحكم ببقاء حياته إلى الآن يلزم المطلوب الذي هو اتّصافه الآن بالعدالة.
__________________
(١) في الصفحة : ٣٦ وما بعدها.