على القاعدة كتقديمه على سائر الأُصول لم يبق لها مورد إلاّنادراً غاية الندرة ، فاللازم تقديمها عليه من هذه الجهة (١).
ولا يخفى أنّ البناء على كون القاعدة من باب التعبّد لا يقضي بتقدّم الاستصحاب عليها إلاّ إذا قلنا بعدم تكفّلها الاحراز ، أمّا لو قلنا بكونها من الأُصول الاحرازية فلا موجب لتقدّم أحدهما على الآخر كما أشار إليه في المقالة ، فلاحظ كلماته ص ١٧٧ وص ١٨٣ (٢).
وكيف كان ، أنّ لقائل أن يقول : ما الداعي إلى هذه التعبيرات الموجبة للاشتباه ، فإنّ حقّ التعبير هو أن يقال : إنّ مفاد أدلّة هذه القواعد أخصّ من مفاد أدلّة الاستصحاب ، فالمتعيّن هو التخصيص ، ولو فرضنا النسبة هي العموم من وجه كان المتعيّن هو تقديم أدلّة القاعدة (٣) ، لأنّ العكس يوجب التخصيص المستهجن وهو خروج الأكثر ، لكون الباقي أقلّ قليل.
وتوضيح ذلك : هو أنّ الموارد الباقية للقاعدة ولا يجري فيها الاستصحاب المخالف لها لا تخلو عن أحد أُمور :
الأوّل : أن يكون الاستصحاب مبتلى بالمعارض ، فيكون في حدّ نفسه ساقطاً ، كما لو شكّ بعد الفراغ من الصلاة في أنّه قد اغتسل من الجنابة ، وقلنا بعدم جريان قاعدة التجاوز في الغسل لكونه مراداً بإرادة مستقلّة ، واتّفق أنّ استصحاب الجنابة أو عدم الغسل غير جار لأجل الابتلاء بالعلم الاجمالي مثلاً ، وحينئذ ينحصر الأمر في إجراء قاعدة الفراغ في الصلاة.
__________________
(١) درر الفوائد ١ ـ ٢ : ٦١٠.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٤٣٩ ـ ٤٤٠ ، ٤٥٠ ـ ٤٥٢.
(٣) [ المذكور في الأصل : أدلّة الاستصحاب ، فلاحظ ].