الثاني : ما لو شكّ بعد الفراغ من الصلاة بين الثلاث والأربع مثلاً ، وقلنا بعدم جريان استصحاب العدم في الركعات [ لا ] لأجل تقدّم قاعدة البناء على الأكثر ، لأنّ ذلك منحصر بما إذا كان الشكّ في أثناء الصلاة ، بل لأجل أنّ استصحاب عدم الركعات في ذاته لا يجري ، لأنّ أصالة عدم الاتيان بالرابعة لا ينفع في إثبات أنّ صلاته كانت ثلاثاً ، ونحو ذلك من الموانع المدّعاة الجارية فيما لو كان الشكّ بعد الفراغ.
الثالث : ما لو شكّ بعد الفراغ في عروض المبطل مثل زيادة الركوع أو استدبار القبلة مثلاً.
أمّا الأوّلان فالصناعة العلمية فيهما هي أن يقال : إنّ بين دليل الاستصحاب ودليل قاعدة الفراغ وإن كان هو العموم من وجه ، إلاّ أنّه لو قدّم الأوّل على الثاني لزم التخصيص الأكثر في دليل القاعدة ، وهو باطل فيتعيّن العكس ، ولعلّ ذلك هو المراد من قولهم إنّه لو قدّم الاستصحاب على القاعدة لم يبق لها إلاّ النادر.
وأمّا الثالث فلا يتأتّى فيه ما ذكرناه من لزوم تخصيص الأكثر ، لأنّ المفروض أنّ الاستصحاب القاضي بعدم زيادة الركوع موافق لقاعدة الفراغ ، فإمّا أن نقدّم القاعدة عليه لكونها أمارة ، أو نقدّمه عليها لكونه إحرازياً وهي من الأُصول غير الاحرازية ، وإن لم نقل بذاك ولا بهذا كان مقتضاه إجراءهما معاً ، ولا يصحّ لنا أن نقول : إنّها لو لم تقدّم في هذا المورد على الاستصحاب بل قدّمنا الاستصحاب عليها لكانت بلا مورد أو مورد نادر ، لأنّ ذلك في الاستصحاب المخالف لها دون الموافق.
نعم يصحّ لنا أن نقول : إنّا لو قدّمنا الاستصحاب المخالف لها في مورد المخالفة لانحصر جريانها في مثل هذه الموارد ، وهي وإن كانت كثيرة إلاّ أنّها لا