الوجوه في كون القاعدتين واحدة أو لا ، ثلاثة : الأوّل : هو المختار للشيخ قدسسره ، وهو اتّحادهما صغرى وكبرى ، بإرجاع الشكّ في الصحّة في مورد قاعدة الفراغ إلى الشكّ في وجود الصحيح ، ويكون الشكّ في الموردين شكّاً في أصل الوجود. الثاني : هو اختلافهما صغرى وكبرى. والظاهر أنّ هذا هو المختار للمشهور. الثالث : هو اختلافهما صغرى مع اتّحادهما كبرى وهو المختار انتهى ، وذلك كما سيأتي (١) توضيحه إن شاء الله بجعل الكبرى واحدة ، غير أنّ لها صغرى وجدانية وهي ما لو كان المشكوك هو نفس المركّب ولو باعتبار الشكّ في وجود الصحيح منه ، وصغرى تنزيلية وهي ما لو كان الجزء مشكوك الوجود ، فإنّ الجزء من المركّب لا يكون شيئاً بل هو مندك في المركّب ، غير أنّ الشارع ربما لاحظه مستقلاً ، فيكون شيئاً بجعل وتنزيل من الشارع ، وذلك الجعل والتنزيل مختصّ بأجزاء الصلاة دون غيرها من المركّبات كالطهارات ، فهما من هذه الجهة نظير قاعدة وجوب الوضوء لكلّ صلاة ، غير أنّ لها صغرى وجدانية وهي الصلاة المتعارفة ، ولها أيضاً صغرى تنزيلية وهي الطواف ، فإنّه داخل في هذه القاعدة ـ أعني وجوب الوضوء للصلاة ـ لكونه من صغرياتها تنزيلاً كما يستفاد من قوله عليهالسلام « الطواف بالبيت صلاة » (٢).
ثمّ إنّ قاعدة التجاوز تتوقّف على تنزيل آخر أشار إليه شيخنا قدسسره في بعض ما حرّرته عنه ، وهو تحقّق التجاوز عنه بالتجاوز عن محلّه ، فيكون التجاوز عن محلّه منزّلاً منزلة التجاوز عنه ، بتنزيل الجزء المشكوك منزلة محلّه بنحو من الاستعارة على مذهب السكاكي من دون حاجة إلى تقدير وحذف مضاف ،
__________________
(١) في الصفحة : ٣٠٧ وما بعدها.
(٢) مستدرك الوسائل ٩ : ٤١٠ / كتاب الحجّ ب ٣٨ ح ٢.