وسيأتي إن شاء الله تعرّضه قدسسره لهذه الجهة من التنزيل في ص ٢٣٣ من هذا التحرير (١).
ثمّ لا يخفى أنّ ملخّص القدر الجامع بين الشكّين هو أنّ الشكّ عبارة عن الترديد بين وجود الشيء وعدمه ، ويؤخذ هذا العدم الذي هو طرف الشكّ بالأعمّ من السالبة البسيطة والسالبة بانتفاء الموضوع ، بأن يكون محصّله هل وجد الركوع الصحيح أو لم يوجد ، بالأعمّ من عدم وجوده أصلاً أو عدم وجود وصف صحّته مع فرض أصل وجوده ، فإنّ كلاً منهما داخل في قولك لم يوجد الركوع الصحيح ، والقاعدة تزيل هذا الشكّ وتقول إنّ ما شككت في وجوده قد وجد سواء كان الذي شككت في وجوده هو أصل وجود الشيء أو كان هو وجود الصحيح منه ، وحينئذ تنطبق على الشكّ في صحّة الصلاة بعد الفراغ منها ، وتنطبق على الشكّ في أصل وجود الركوع بعد التجاوز عنه بأن يتسامح في التجاوز عنه بتحقّق التجاوز عن محلّه ، وعلى الشكّ في صحّته بعد التجاوز عنه إلى السجود أو بعد الفراغ منه وإن لم يتجاوز عنه أو عن محلّه ، ويكون حاله من هذه الجهة حال الشكّ في صحّة الصلاة بعد الفراغ منها ، وحينئذ يكون المراد بالتجاوز عن المشكوك هو الأعمّ من التجاوز عن نفسه أو التجاوز عن محلّه.
وهذا هو الذي أشار إليه الشيخ قدسسره ومنعه في أوّل المواضع بقوله : نعم ، لو أُريد الخروج والتجاوز عن محلّه ، أمكن إرادة المعنى الظاهر من الشكّ في الشيء ، وهذا هو المتعيّن ، لأنّ إرادة الأعمّ من الشكّ في وجود الشيء والشكّ الواقع في الشيء الموجود في استعمال واحد غير صحيح (٢) ، ومحصّله هو
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢٧.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٣٢٩.