الإشكال الرابع الذي أشكل به على إرادة الأعمّ من القاعدتين ، وذلك قوله : ورابعاً التجاوز في قاعدة التجاوز إنّما يكون بالتجاوز عن محلّ الجزء المشكوك فيه ، وفي قاعدة الفراغ إنّما يكون بالتجاوز عن نفس المركّب لا عن محلّه (١).
قوله : قلت : نعم وإن كان المهمّ في باب التكاليف هو إثبات وجود متعلّق التكليف صحيحاً ولو مع عدم إثبات صحّة المأتي به ... الخ (٢).
لا يخفى أنّه يمكن التأمّل في الفرق بين باب التكاليف وباب الوضعيات ، فإنّ الظاهر أنّ الحكم العقلي بلزوم الفراغ يتوقّف الخروج عن عهدته على إحراز الصحّة ، ولا يكفي مجرّد إحراز وجود الصحيح مع فرض عدم إحراز الصحّة بذلك ، هذا. مضافاً إلى ما في التقرير المطبوع في صيدا (٣) من الإيراد أوّلاً بأنّ الظاهر من دليل قاعدة الفراغ هو الحكم بصحّة الموجود كما يستفاد من قوله عليهالسلام : « فأمضه كما هو » (٤) لا وجود الصحيح.
ثمّ إنّ الالتزام بأنّه في الوضعيات لا يكفي الحكم بوجود الصحيح بل لابدّ من الحكم بصحّة الموجود ليس على إطلاقه ، فإنّ ذلك إنّما يحتاج إليه في صورة التنازع والمخاصمة على هذا العقد الواقع هل كان صحيحاً أو فاسداً ، فإنّه حينئذ يحتاج إلى الحكم بأنّ ذلك العقد كان صحيحاً ، أمّا لو لم يكن في البين إلاّ الشكّ في الانتقال فعلاً وأردنا أن نحكم بانتقال المال إلى المشتري ، فإنّه يكفي في ذلك الحكمُ بوجود العقد الصحيح ، ولا يتوقّف على إثبات صحّة الموجود.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢٢ ـ ٦٢٣.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢١.
(٣) أجود التقريرات ٤ : ٢١٢.
(٤) وسائل الشيعة ٨ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ / أبواب الخلل في الصلاة ب ٢٣ ح ٣.