قوله : وثانياً : أنّ متعلّق الشكّ في قاعدة التجاوز إنّما هو أجزاء المركّب وفي قاعدة الفراغ يكون المتعلّق نفس المركّب بما له من الوحدة الاعتبارية ... الخ (١).
يمكن التأمّل فيما أُفيد في وجه امتناع القدر الجامع ، من كون لحاظ الجزء مستقلاً يباين لحاظه مندكّاً في ضمن المجموع ، فإنّ أقصى ما فيه هو التباين بين اللحاظين ، وهذا ـ أعني تباين اللحاظين ـ إنّما يمنع لو كان اللحاظ واحداً ، أمّا مع فرض تعدّد اللحاظ كما هو مقتضى العموم الاستغراقي في قوله : « كلّ شيء شككت فيه » الموجب للحاظ كلّ مصداق من مصاديق الشيء لحاظاً مستقلاً وإن كان لحاظاً إجمالياً ، فعلى الظاهر أنّه لا مانع منه ، بل يكون هذا التباين الناشئ عن تعدّد اللحاظ وتباين اللحاظين موجباً لتعدّد مصداق الشيء باعتبار كونه ملحوظاً تارةً مستقلاً وأُخرى مندكّاً في ضمن المجموع.
اللهمّ إلاّ أن يدفع ذلك بأنّه ليس لنا في هذا العموم الحاكي عن مصاديق الأشياء إلاّعنوان الشيء وهو عنوان واحد ، فإن لوحظ بما أنّه مستقل في حدّ نفسه لم ينطبق على الجزء في ضمن المركّب الذي هو مفاد قاعدة الفراغ ، وإن لوحظ مندكّاً في ضمن المجموع لم ينطبق على الجزء مستقلاً الذي هو مفاد قاعدة التجاوز.
ويمكن أن يقال : إنّ الشيء جامع بين الجزء والكل ، غايته أنّ سبب الشكّ في وجود الكل هو وجود ذلك الجزء ، فلا يكون المقام من قبيل الجامع بين المتباينين.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢١.