قوله : وثالثاً : يلزم التناقض في مدلول قوله عليهالسلام : « إنّما الشكّ في شيء لم تجزه » (١) لو كان يعمّ الشكّ في الجزء والكل ... الخ (٢).
أفاد قدسسره فيما حرّرته عنه أنّه لا يتوجّه هذا التناقض لو قلنا بأنّ القاعدتين متباينتان ، إذ لو قلنا بذلك لكانت قاعدة التجاوز حاكمة على قاعدة الفراغ ، لأنّ مفاد قاعدة الفراغ حينئذ هو الحكم بصحّة المجموع وتماميته بتمامية الاتيان بجميع أجزائه ، ومن الواضح أنّ الشكّ في تمامية الكل مسبّب عن الشكّ في الاتيان بالجزء ، فإذا حكم بمقتضى قاعدة التجاوز في الجزء بأنّه قد أُتي بذلك الجزء ، لم يبق لنا شكّ في صحّة الكل وتماميته كي يكون مجرى قاعدة « إنّما الشكّ في شيء لم تجزه ».
قلت : لا يخفى أنّ هذه الحكومة متحقّقة أيضاً لو قلنا بأنّهما قاعدة واحدة ، فإنّ جريان هذه القاعدة الواحدة في ناحية الجزء يكون حاكماً على إجراء قاعدة « إنّما الشكّ في شيء لم تجزه » في الكل.
والحاصل : أنّ التناقض المتوهّم إنّما هو بين قاعدة الشكّ بعد التجاوز بالنسبة إلى الجزء وبين قاعدة الشكّ في المحلّ بالنسبة إلى الكلّ ، ومن الواضح حكومة الأُولى على الثانية ، سيّما إذا قلنا بأنّ قاعدة الشكّ في المحل ليست قاعدة مستقلّة وإنّما هي عبارة عن الأخذ باستصحاب عدم الاتيان بما شكّ فيه ، من دون فرق في ذلك بين أن نقول إنّ قاعدة التجاوز في الجزء هي عين قاعدة الفراغ أو قلنا بأنّهما متغايران ، بل إنّ القاعدة في الجزء وإن كانت موافقة للقاعدة في الكل
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٢ وفيه : « إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه ».
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢٢.