التجاوز إلاّ الركون إلى أصالة العدم ، لأنّ قوله عليهالسلام : « إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه » بعد فرض رجوع [ الضمير ] في قوله « وقد دخلت في غيره » إلى الوضوء لا إلى الشيء ، لا يكون إلاّفي قبال قاعدة الفراغ ، ويكون محصّلها أنّك إن فرغت من العمل فلا تعتن بشكّك في تماميته ، وإنّما يعتنى بالشكّ في ذلك إذا كان واقعاً في أثناء العمل قبل الفراغ منه ، وحينئذ تكون قاعدة التجاوز حاكمة على هذه القاعدة ، لحكمها بالاتيان بالجزء المشكوك الموجب لرفع الشكّ في تمامية العمل الناشئ عن الشكّ في الاتيان بذلك الجزء ، كما هي حاكمة على قاعدة الفراغ وإن كانت موافقة لها ، لعين ما ذكرناه في وجه حكومتها على مقابلها ، ولا يبقى مورد لهذه القاعدة ولا لقاعدة الفراغ إلاّما لا تكون قاعدة التجاوز جارية فيه ، كما في الشرائط التي ليس لها محلّ مخصوص ، فهذا النحو من الشرائط لو وقع الشكّ فيه بعد الفراغ يكون مورداً لقاعدة الفراغ ، وإذا وقع الشكّ فيه في الأثناء يكون مورداً لقاعدة الشكّ في الأثناء إن قلنا بأنّها قاعدة مستقلّة غير أصالة العدم.
نعم ، لو قلنا إنّ الضمير في قوله عليهالسلام « وقد دخلت في غيره » راجع إلى الشيء لا إلى الوضوء نفسه ، وحينئذ يكون مفاده جريان قاعدة التجاوز في الوضوء ، ويكون حينئذ قوله عليهالسلام « إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه » مسوقاً لبيان قاعدة الشكّ في المحل في قبال قاعدة التجاوز ، غايته أنّ الصدر المتضمّن لقاعدة التجاوز في الوضوء يكون ساقطاً عن الحجّية بمعارضة رواية زرارة ، ويبقى الذيل بحاله من الدلالة على قاعدة الشكّ في المحل ، فإنّه حينئذ يتمّ لنا الدليل على قاعدة الشكّ في المحلّ في قبال قاعدة التجاوز.
لكن لا يخفى ما فيه من التكلّف ، مضافاً إلى أنّا لو سلّمنا ذلك كلّه لأمكننا أن نقول إنّ قوله عليهالسلام : « إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه » ليس مسوقاً