الوضوء لما يأتي راجحاً.
والإنصاف : أنّ ما حرّرناه عن شيخنا قدسسره في هذا المقام في غاية الاضطراب ، فراجع التحرير المطبوع في صيدا (١) مع ما حرّرته عنه في مبحث الخلل والأُصول (٢) وما اشتمل عليه هذا التقرير ، تجد هذه التحارير غير متّحدة المفاد ، وكان قدسسره يشكل على هذا الذي أُفيد هنا أنّه المختار بأنّ لازمه عدم جواز مس المصحف في أثناء الصلاة ( قلت : بل ولزوم خروجه من المسجد ) مع فرض جواز تلك الصلاة له بل صحّتها ، كما أنّه قدسسره قد نقل عن البعض توجيه هذا المختار هنا بأنّ حيثية وجود الشيء لا دخل لها بصحّة ما هو المشكوك ، وقاعدة التجاوز لا تثبت أصل وجود الشيء ، وإنّما تثبت صحّة ذلك العمل الذي يكون ذلك الشيء شرطاً له. وأورد قدسسره على ذلك بأنّ إثبات صحّة العمل إنّما يكون باحراز وجود ذلك الشرط ، وحينئذ لابدّ من الالتزام بسقوط أمره حتّى بالنسبة إلى الصلوات الآتية ، فراجع ما حرّرته عنه قدسسره في درس الأُصول.
ثمّ إنّه ربما يقال بجريان قاعدة التجاوز في الوضوء فيما مضى منه ولزوم الوضوء للباقي ، فيتوضّأ في أثناء الصلاة لو شكّ وهو في أثنائها.
وفيه : أنّ الطهارة شرط من أوّل الصلاة إلى آخرها ، وحينئذ فلو شرع في الوضوء في أثناء الصلاة فهو في حال وضوئه في حال الصلاة وليس بمحرز له في ذلك الحال ، فيكون قد مضى عليه كون من أكوان صلاته وهو غير محرز فيه للوضوء ، فتبطل صلاته من هذه الجهة ، وكأنّه لأجل ذلك لم يذكر شيخنا قدسسره هذا الوجه أعني لزوم الوضوء في أثناء الصلاة.
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢٣٢ ـ ٢٣٤.
(٢) مخطوط لم يطبع بعدُ.