في أصل النيّة بأن شككنا في أنّه هل قصد الصلاة ونواها أو أنّه لم يقصد إلاّصورة العمل ولو من جهة تعليم الغير مثلاً ، ففي جريان أصالة الصحّة في مثل ذلك تأمّل وإشكال ، إذ ليس هو [ إلاّ ] من قبيل ما لو رأيناه غمس الثوب مع احتمال عدم قصد تطهيره أو ارتمس في الماء مع احتمال أنّه لم يقصد الغسل من الجنابة. وهذا الإشكال بعينه جارٍ في قاعدة الفراغ والتجاوز. والذي يظهر من الجواهر (١) إجراؤهم قاعدة التجاوز.
ويمكن الفرق بين قاعدة التجاوز وبين قاعدة الفراغ وأصالة الصحّة ، فإنّه لو شكّ في النيّة وهو في أثناء القراءة مثلاً يصحّ في حقّه إجراء قاعدة التجاوز لكونه يرى نفسه فعلاً في الصلاة ، بخلاف قاعدة الفراغ وأصالة الصحّة لعدم إحراز الصلاة في مواردهما عند الشكّ في أصل النيّة ، اللهمّ إلاّ أن يكتفى بصورة الصلاة بحيث يدّعى أنّ تحقّق صورة الصلاة كاف في صدق أنّه قد صلّى صدقاً عرفياً ، بخلاف ما لو ارتمس ولم يعلم أنّه قصد الغسل من الجنابة ، فإنّ قوام الغسل من الجنابة بحسب النظر العرفي هو النية بخلاف الصلاة ، وفيه تأمّل.
قوله : وبالجملة يتوقّف جريان أصالة الصحّة على إحراز صدور العمل على الوجه والعنوان الذي يكون العمل به موضوع الأثر ومتعلّق الأمر ، سواء كان العنوان من العناوين التي لا يتوقّف حصولها على القصد كغسل الثوب ... الخ (٢).
لا يخفى أنّ المائز بين رمس الثوب في الماء لأجل إزالة نجاسته وبين رمسه فيه لأجل إزاله الوسخ عنه ونحو ذلك من دواعي رمسه فيه إنّما هو بالقصد ،
__________________
(١) جواهر الكلام ١٢ : ٣٢٢ و ٣٢٥.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٦٦٤.