مقام الشكّ في صدور أصل الفعل أو الشكّ في قصد النيابة به عن المنوب عنه إنّما يكون الاعتماد فيه على إخبار النائب من جهة عدالته ، أو من جهة حصول الوثوق بقوله وإن لم يكن عادلاً.
والحاصل : أنّه لابدّ في الحكم بفراغ ذمّة المنوب عنه من العلم أو ما يقوم مقامه من الوثوق أو الاطمئنان ، وهو حاصل بقول النائب العادل أو الوثوق بإخباره وإن لم يكن عادلاً ، والاعتماد على قوله إنّما هو لأجل كونه محصّلاً للعلم أو ما يقوم مقامه من الاطمئنان ، والسيرة وبناء العقلاء كافية في الحكم بكفاية ذلك المقدار من الاطمئنان ، نعم يمكن أن نجعل العسر والحرج المذكورين شاهداً على جريان السيرة المذكورة على كفاية الاطمئنان.
قوله : والإنصاف أنّ ما أفاده في هذا المقام ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، فإنه إن أحرز أنّ العامل قصد النيابة ـ إلى قوله ـ وإن لم يحرز أنّ العامل قصد النيابة في عمله فلا تجري في عمله أصالة الصحّة ... الخ (١).
الإنصاف : أنّ هذا هو عين ما أفاده الشيخ قدسسره بقوله : والصحّة من الحيثية الأُولى لا تثبت الصحّة من هذه الحيثية الثانية ، بل لابدّ من إحراز صدور الفعل الصحيح عنه على وجه التسبيب الخ (٢) ، فإنّ ذلك عبارة أُخرى عن أنّه لابدّ من إحراز عنوان النيابة ، وأنّ صحّة نفس العمل من حيث الأجزاء والشرائط لا تنفع في إحراز النيابة.
نعم ، للشيخ قدسسره في هذا المقام عبارة لا يبعد أن تكون من سهو القلم ، وهي قوله : بل يجب التفكيك بين أثري الفعل من الحيثيتين ، فيحكم باستحقاق الفاعل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٦٥ ـ ٦٦٦.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٣٦٩.