المنفعة ، فلا يكون غرض المالك من دعوى الفساد هو طرد المستأجر عن استيفاء المنفعة ، كما أنّه لا غرض للمستأجر من دعوى الصحّة ، لأنّ ذلك لا يترتّب عليه إلاّ الدينار وهو مساوٍ لأُجرة المثل أو أكثر منها.
نعم ، لو كانت أُجرة المثل أزيد من الدينار توجّه النزاع بينهما بالنسبة إلى الزائد على الدينار ، فالمالك يدّعي الفساد لأجل إثبات استحقاقه ذلك الزائد ، والمستأجر يدّعي الصحّة لأجل نفي ذلك الزائد عنه ، وأصالة الصحّة وإن أثبتت انتقال منفعة تلك السنة إلى المستأجر وأنّه قد ملكها ، إلاّ أنّها لا يترتّب عليها كون عوضها هو الدينار على وجه لا يكون المالك مستحقّاً لما هو الزائد الذي هو أُجرة المثل إلاّبالأصل المثبت ، فقول المستأجر وإن كان مطابقاً لأصالة الصحّة إلاّ أنّه لا يترتّب عليه ما يرومه من دفع المالك عمّا هو الزائد على الدينار ، فلا يكون بالنسبة إلى دفع المالك عن ذلك الزائد إلاّمدّعياً ، وهو معنى قول العلاّمة قدسسره : « فيما لم يتضمّن دعوى » على ما شرحه جامع المقاصد (١).
وفيه ما لا يخفى ، فإنّ قول المستأجر وادّعاءه بعدم استحقاق المالك ذلك الزائد عليه وإن لم يمكن إثباته بأصالة الصحّة ، إلاّ أنّ قول المالك وادّعاءه ذلك الزائد لا يكون على طبق الأصل ، لأنّ أصالة عدم الانتقال في تلك المنفعة لا تجري ، لحكومة أصالة الصحّة عليها القاضية بمالكية المستأجر لتلك المنفعة ، فلم يبق لنا في ناحية استحقاق ذلك الزائد إلاّ أصالة براءة ذمّة المستأجر منه ، فيكون القول في هذا النزاع قوله ، وفي كلا الصورتين لا تكون أصالة الصحّة في جانب المستأجر متضمّنة لدعوى على المالك ، أمّا بالنسبة إلى استحقاقه تمام منفعة السنة فلأنّ ذلك هو مقتضى أصالة الصحّة ، وأمّا بالنسبة إلى عوضها فلأنّ
__________________
(١) جامع المقاصد ٧ : ٣١٠.