كلّ من الحالين ، أعني حال ما قبل الاستيفاء وحال ما بعد الاستيفاء ، ولا تكون أصالة الصحّة في جانبه متضمّنة لدعوى على المالك في كلا الحالين ، بخلاف الصورة الأُولى وهي ما لو كان النزاع على جهالة المدّة ومعلوميتها ، فإنّ أصالة الصحّة فيها تتضمّن الدعوى على المالك ، سواء كان النزاع بينهما قبل الاستيفاء أو كان بعد الاستيفاء ، ولعلّ قول العلاّمة قدسسره : « فيما لم يتضمّن دعوى » إشارة إلى إخراج الصورة الأُولى بكلا حاليها ، وإبقاء الصورة الثانية بكلا حاليها أيضاً ، فلاحظ وتأمّل.
بل يمكن أن يقال : إنّ أصالة الصحّة في جانب المستأجر تسدّ على المالك باب المطالبة بأُجرة المثل ، لأنّ استحقاقه لأُجرة المثل منوط بفساد مالكية المستأجر لمنفعة السنة ، وأصالة الصحّة قاضية بصحّة مالكية المستأجر لها ، ومعه لا وجه لمطالبته بأُجرة المثل.
ومن ذلك كلّه يتّضح لك التأمّل فيما أفاده جامع المقاصد قدسسره (١) من تفسير ما أفاده العلاّمة قدسسره من قوله : والأقوى التقديم فيما لا يتضمّن دعوى. كما يظهر لك التأمّل ممّا يظهر من شيخنا من تقريره لذلك التفسير.
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : إنّ قول العلاّمة « والأقوى التقديم » راجع إلى جميع ما تقدّم من موارد النزاع ، حتّى فيما لو قال المالك آجرتك كلّ شهر بدرهم فقال المستأجر بل سنة بدينار ، وأنّ جميع ذلك يكون الأقوى فيه تقديم قول مدّعي الصحّة بالشرط المذكور ، غايته أنّ هذا الشرط ـ أعني عدم تضمّن الدعوى على المالك ـ منحصر بالصورة الأخيرة أعني ما لو ادّعى المالك جهالة الثمن وادّعى المستأجر معلوميته ، دون باقي الصور ، فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) جامع المقاصد ٧ : ٣١٠.