أمّا ما لو أُريد استصحاب وجود الكرّ في هذا الماء فهو خارج عمّا نحن فيه من التسامح العرفي وراجع إلى الأصل المثبت ، لأنّ موضوع الأثر وهو كون هذا الماء كرّاً لا يترتّب عليه إلاّبالملازمة.
قوله : لأنّ الشكّ في بقاء الحكم مع بقاء الموضوع على ما كان عليه من الخصوصيات لا يمكن إلاّفي باب النسخ ... الخ (١).
كان الأنسب استثناء باب الغاية والرافع كما سيأتي ذلك منه (٢) ، بل إنّ النسخ كما حرّرناه في محلّه (٣) من قبيل الرافع.
__________________
الموجود من الماء المتّصل من الدار إلى محلّ الشكّ في الانفصال كان كرا ولو بتلك المسامحة العرفية.
ومن جملة ما لا تجري فيه المسامحة المخزن الخاصّ الذي يجعلونه في الدار في محلّ عال كسطحها ، وبعد امتلائه يقطع عن الاتّصال بالمخزن العام ولا يزال أهل الدار مستسقين من ذلك المخزن الخاصّ مع فرض الشكّ في نقصانه عن الكرّية بكثير ، فإنّ مثل ذلك لا يجري فيه التسامح العرفي أيضاً ، وهذا أشكل من المسألة السابقة التي ربما يتوهّم فيها جريان استصحاب الاتّصال بخلاف هذه المسألة.
ومثل هذه المسألة ما لو حصل العلم بانفصال البلدة عن المخزن العام لأجل حدوث عيب فيه يقتضي إصلاحه وعمارته ، فيكون الاعتماد في العاصمية حينئذ على مجموع الماء الموجود في شبكة الأنابيب ، فلو حصل الشكّ في عروض نقصانه عن الكرّية لم يمكن الاعتماد في استصحاب بقاء الكرّية لذلك المقدار على دعوى المسامحة العرفية ، إذ الفرض أنّه ربما يكون الباقي أقلّ قليل على وجه لا يمكن القول بأنّ هذا المقدار كان كرّاً ، فلاحظ وتأمّل [ منه قدسسره ].
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٧١ ـ ٥٧٣.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٥٧٦.
(٣) راجع المجلّد الخامس من هذا الكتاب الصفحة : ٣٨٩ وما بعدها.