شرعياً والآثار التي يكون ترتّبها عقلياً ، تكون نجاسة الماء فيما نحن فيه من الآثار اللاحقة لبقاء نجاسة المغسول فيه ، ويكون حاله حال ارتفاع نجاسة المغسول بالنسبة إلى طهارة الماء.
وبالجملة : يكون المستصحب في ناحية الماء هو طهارته ، ومن آثار الطهارة وأحكامها التي تترتّب على استصحابها هو ارتفاع نجاسة المغسول فيه ، والمستصحب في ناحية المغسول هو نجاسة المغسول ، ومن آثار نجاسته هو نجاسة الماء المغسول فيه ، وكما أنّ الأثر في الأوّل يكون رافعاً لموضوع الثاني ، فكذلك الأثر في الثاني يكون رافعاً لموضوع الأوّل.
نعم لو كان مجرى الاستصحاب في الأوّل رافعاً بنفسه لموضوع الثاني لا بأثره ، وكان مجرى الاستصحاب في الثاني غير رافع بنفسه لموضوع الأوّل بل إنّما كان يرفعه بواسطة الأثر المترتّب عليه ، لكان الأوّل مقدّماً على الثاني لكونه بنفسه رافعاً لموضوعه لا بأثره بخلاف الثاني ، وفي مثل ذلك يتحقّق التقدّم الرتبي الموجب لتقدّم الأوّل على الثاني ، كما لو كان المستصحب في ناحية الماء هو نفس كونه مزيلاً للخبث لا الطهارة التي يكون أثرها إزالة الخبث.
وحينئذ يكون استصحاب إزالة الماء للخبث رافعاً لموضوع استصحاب بقاء النجاسة في المغسول ، لكن لو كان الأمر كذلك لقلنا إنّ المقابل لاستصحاب إزالة الخبث في ناحية الماء هو استصحاب أثر نجاسة المغسول ، وذلك الأثر هو عدم إزالة ذلك [ الماء ] لخبث ذلك الثوب بناءً على كونه من آثار بقاء نجاسته ، فيقال إنّ هذا الثوب كان نجساً ومن آثار نجاسته إلى الآن كون ذلك الماء نجساً ، فهذا الأثر المزعوم لو قلنا بأنّه من آثار نجاسة الثوب لأجرينا فيه بنفسه الاستصحاب ، فيكون رافعاً لموضوع استصحاب كون ذلك الماء مزيلاً للنجاسة.