الماء لكونه مسبّباً ومعلولاً له ، كان الحكم فيه باستصحاب تلك النجاسة التي كانت له قبل الغسل متأخّراً عن الحكم بطهارة الماء ، فلو قلنا إنّ استصحاب تلك النجاسة التي كانت للثوب قبل الغسل مثبتة للازمها وهو نجاسة الماء ، لم يكن ذلك الحكم صالحاً لأن يرفع الشكّ في طهارة الماء ، لما عرفت من تأخّره رتبة عنه.
وبالجملة : أنّ استصحاب طهارة الماء رافع للشكّ في نجاسة الثوب ، وأمّا استصحاب نجاسته فهو وإن خلي في حدّ نفسه لكان رافعاً للشكّ في طهارة الماء بناءً على الأصل [ المثبت ] ، إلاّ أنّ الحكم في الأوّل لمّا كان سابقاً في الرتبة على الحكم في الثاني ، كان الحكم في الأوّل رافعاً لموضوع الثاني قبل أن تصل إلى درجته ليكون بعد تحقّقه رافعاً لموضوع الحكم في الأوّل ، فكلّ من الحكمين وإن كان في حدّ نفسه رافعاً لموضوع الآخر إلاّ أنّ الأوّل لمّا كان سابقاً في الرتبة كان هو الرافع لموضوع صاحبه دون العكس.
قوله : وإن شئت قلت ـ إلى قوله ـ وبعبارة أوضح ... الخ (١).
لا يخفى أنّ كلاً من هذين التقريرين يتوقّف على الحكومة ، وما أُفيد من قوله : إنّ قوله عليهالسلام « لا تنقض اليقين بالشكّ » (٢) لا يمكن أن يعمّ الأصل السببي والمسبّبي في عرض واحد جمعاً (٣) يمكن التأمّل فيه ، فإنّه مع قطع النظر عن الحكومة المذكورة يكون كلّ من الأصلين جارياً ، ويكون حالهما حال الأصلين في من توضّأ بمائع مردّد بين الماء والبول في جريان كلّ من استصحاب الحدث
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٨٧.
(٢) وسائل الشيعة ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٦٨٧.