الذي يدركه المكلّف من إصابة الأمارة للواقع خير جاءه من قبل التعبّد بها (١) ، ولكن لابدّ من تقييده (٢) بعدم تمكّن ذلك المكلّف من الاحتياط في المورد المذكور ، وإلاّ لكان العمل بالأمارة أيضاً مورداً للشبهة المذكورة ، واحتيج إلى الجواب عنها بالمصلحة السلوكية أو أكثرية الاصابة.
وإن كان الثاني ، وهو فرض تمكّن المكلّف من تحصيل العلم ، فالظاهر أنّه لابدّ في دفع الشبهة فيه من الالتزام بالمصلحة السلوكية ، أو دعوى اطّلاع الشارع على أكثرية موارد الاصابة في باب الأمارات من موارد الاصابة في تحصيل العلم والعمل على طبقه بعد فرض عدم التمكّن من الاحتياط.
ولكن الذي يظهر من الكتاب هو أنّه يكفي في المصلحة السلوكية مجرّد التسهيل على المكلّفين كما هو كذلك فيما تقدّم (٣) من بحث جعل الطرق. وفيه تأمّل فإنّ مجرّد التسهيل لا يصحّح تفويت المصلحة ، إلاّ أن نقول إنّ في نفس التسهيل مصلحة يتدارك بها ما يفوت على المكلّف من مصلحة الواقع لو عمل بالأمارة.
ولا يخفى أنّ القائلين بالمصلحة السلوكية لا يريدون بها إلاّهذا المعنى أعني كون سلوك هذه الأمارة مشتملاً على مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع عندما تكون تلك الأمارة مخطئة ، سواء كانت تلك المصلحة قائمة بالتسهيل أو كانت قائمة في تصديق العادل مثلاً والاعتناء بشأنه ، وليس المراد أنّ تلك
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٨٩.
(٢) لكن شيخنا حيث إنّ مفروض كلامه إنّما هو الانسداد الكلّي الذي لا يكون إلاّبعد سقوط الاحتياط ، كان هو قدسسره في غنى عن هذا التقييد [ منه قدسسره ].
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ٩٣ ـ ٩٤.