وهذا بخلاف ما نحن فيه فإنّه عند الاتيان بالوضوء لم يأت به بعنوان التجديد ، بل إنّما أتى به بعنوان الاحتياط وبداعي احتمال الأمر التجديدي ، فهذا الوضوء الاحتياطي لا يكون رافعاً لأنّه على تقدير أنّه في الواقع محدث لا يكون وضوءه إلاّ هدراً.
وفيه تأمّل ، فإنّه لا عيب فيه سوى أنّه لم يصادف الواقع من الأمر التجديدي ، وهذا بعينه متحقّق فيما لو قصد التجديد معتقداً أنّه متوضّئ وصادف في الواقع أنّه لم يكن متوضّئاً ، ولا فرق بينهما إلاّ أنّ ذلك حينما أتى بالوضوء كان قد أتى به بعنوان التجديد ، وهذا عندما أتى به إنّما أتى به بعنوان احتمال التجديد ، وهذا المقدار من الفرق لا يغيّر الواقع من أنّه وضوء بداعي الأمر التجديدي مع مصادفة أنّه لم يكن مأموراً بالتجديد بل كان مأموراً بالوضوء الرافع.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الجزم بنيّة التجديد له دخل في كونه رافعاً. ولكن لا دليل على اعتبار قصد الجزم في رافعية الوضوء التجديدي.
ولا يخفى أنّا لو قلنا في هذا الفرع بتعارض الاستصحابين من جهة الاحرازية وتساقطهما ، يكون المرجع في الأعضاء قاعدة الطهارة وفي الوضوء أصالة البراءة من حرمة مسّ المصحف ، ولا مانع من الجمع بينهما ، إذ لا يلزم منه المخالفة القطعية لجواز كون ذلك المائع ماءً فيكون وضوءه صحيحاً وأعضاؤه طاهرة ، فلا يحرم عليه مسّ المصحف ولا يجب عليه تطهير أعضائه. نعم بالنسبة إلى ما يكون الوضوء شرطاً فيه كالصلاة يلزمه إحراز الشرط وهو الوضوء.
لا يقال : إنّ ما ذكرتموه من الرجوع إلى قاعدة الطهارة في الأعضاء ممنوع لسقوطها بسقوط استصحاب طهارة الأعضاء بناءً على مسلك الأُستاذ قدسسره من سقوطها بسقوطه.