الجمع بين الأصلين ليس من الأحكام الشرعية ، وإنّما هو لازم جريان الأصل في هذا الطرف وجريانه في الطرف الآخر ، والأصل لا دخل له بإثبات اللوازم ، فلا يكون هذا العلم التفصيلي منافياً لنفس الأصل وإن كان منافياً للازمه وهو الجمع المذكور ، فتأمّل.
ثمّ إنّ من جملة القسم الأوّل الذي لا يجري فيه الاستصحابان على رأي شيخنا قدسسره مسألة الدوران بين كون المتروك ركناً أو غيره ممّا يقضى بعد الصلاة ، فإنّه قدسسره بعد إسقاطه لقاعدة الفراغ في الطرفين لأجل التعارض بينهما ، يوقع التعارض بين أصالة العدم في الركن وأصالة العدم في غير الركن ، ويكون المرجع بعد ذلك هو أصالة الاشتغال بالصلاة وأصالة البراءة من قضاء غير الركن ، وذلك من جهة أنّ الدوران بين كون المتروك ركناً أو غير ركن يرجع إلى العلم التفصيلي بتوجّه الخطاب إليه بأحد الأمرين من قضاء غير الركن وإعادة الصلاة. ومن ذلك ما لو دار الأمر بين حصول ما يرفع نجاسة الثوب أو موت زيد مثلاً ، فإنّه يرجع إلى القدر الجامع بين لزوم تطهير الثوب أو لزوم عدم قسمة ميراث زيد.
ومن القسم الثاني الذي يجري فيه الاستصحابان ، ما لو كان أحد الاناءين كرّاً والآخر قليلاً ثمّ حدث حادث مردّد بين نقصان الأوّل وبلوغ الثاني حدّ الكرّية فإنّه يجري فيه استصحاب الكرّية في الأوّل وعدمها في الثاني ، لعدم الرجوع إلى قدر جامع يكون هو المعلوم بالتفصيل.
ومن ذلك ما لو كان أحد الاناءين نجساً والآخر طاهراً وحدث حادث مردّد بين تطهير الأوّل وتنجّس الثاني ، فإنّ ذلك من قبيل المتمِّم والمتمَّم ، غير أنّه ليس في البين ذلك الإجماع القائم على عدم اختلاف الماء الواحد في الطهارة والنجاسة ، لأنّ المفروض تعدّد الاناءين ، وحينئذ يجري فيه الاستصحابان بلا