ويكون حاصل ما أفاده الشيخ قدسسره في أوّل الاستصحاب (١) من انحصاره في الشكّ في الرافع دون الشكّ في المقتضي ، وما أفاده هنا (٢) من استثناء الشكّ في الرافع عن شبهة اختلاف الموضوع في القضيتين ، هو أنّ المستصحب إن كان منشأ الشكّ في بقائه هو الشكّ في نفس ذات ذلك المستصحب وأنّه هل له استعداد البقاء ، فالاستصحاب لا يجري ، وهذا ما يسمّيه الشكّ في المقتضي ، وإن كان منشأ الشكّ في بقائه هو الشكّ في أمر آخر غير ذات المستصحب من انوجاد معدوم أو انعدام موجود أوجب حدوثه الشكّ في بقاء ذلك المتيقّن ، فهذا ما يسمّيه الشكّ في الرافع ، سواء كان ذلك الانعدام أو ذلك الانوجاد رافعاً لنفس المستصحب ابتداءً أو كان رافعاً له بواسطة أنّه رافع لموضوعه ، أو كان رافعاً لعلّته أو كان غاية من غايات ذلك المستصحب ، فإنّ هذه جميعها تدخل فيما اصطلح عليه أنّه من قبيل الشكّ في الرافع ، لأنّ منشأ الشكّ في بقاء المتيقّن في جميع هذه يكون راجعاً إلى حدوث حادث أو انعدام موجود ، فلا يكون منشأ الشكّ في البقاء فيها هو نفس ذات ذلك المتيقّن السابق الذي اصطلح عليه بأنّه من قبيل الشكّ في المقتضي.
وحينئذ فيكون مراده من الرافع هناك هو كلّ حادث كوني وجودي أو عدمي يكون حدوثه موجباً لارتفاع ذلك المتيقّن ، فيكون شاملاً لما يكون رافعاً لنفس الحكم ابتداءً ، ولما يكون رافعاً لعلّته ، ولما يكون رافعاً لموضوعه ، بل يكون شاملاً لغايته أيضاً ، هذا حاصل مراده من الرافع هناك.
وأمّا مراده من الرافع هنا الذي استثناه من إشكال اتّحاد القضيتين ، فهو
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٥١ و ٧٨ و ١٥٩.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٢٩٥.