أمّا المفهومية فهي واضحة لأنّها في مقام الشكّ في مفهوم اللفظ ، وكذلك المصداقية فإنّها بعد الفراغ عن عالم المفهوم وتنقيح المراد من اللفظ يقع الكلام في تحقّق ذلك المفهوم في زيد كما في مفهوم العادل ، فإنّه بعد أن عرفنا معناه وشخّصنا مفهومه يقع الكلام في أنّ زيداً هل هو واجد للعدالة أم لا ، وهذه الشبهة هي الشبهة المصداقية التي يكون منشأ الشكّ فيها هو عدم الاطّلاع على حال الشخص ، كما لو لم نعرف ما في هذه الآنية وأنّه هل هو خمر أو خل بعد معرفة مفهوم كلّ من الخمر والخل.
أمّا الشبهة الصدقية ، فالمتحصّل من مجموع هذا الكلام من قوله : وتوضيح ذلك إلى آخره ، هو أنّها إنّما تكون بعد معرفة المفهوم الكلّي معرفة ارتكازية مع فرض عدم السترة في المصداق ، بل يكون حاله معلوماً لدينا كما في الماء الذي
__________________
٢٩٣ ـ ٢٩٤ ].
وهذا الذي عبّر عنه قدسسره بقوله : وقد يتخيّل الخ هو ما احتمله في الجواهر بقوله : ويحتمل أن يقال : إنّه بهذا الامتزاج لم يخرج عن حقيقة كلّ منهما ، لعدم تداخل الأجسام [ جواهر الكلام ١ : ٣١٠ ]. وعنوان المسألة في الجواهر أنّه لو امتزج المطلق بالمضاف بحيث لا يصدق عليه اسم المطلق ولا اسم المضاف ولم يعلم استهلاك أحدهما بالآخر.
ولعلّ مرادهما قدسسرهما أنّه لو خلط الماء المطلق بمثل ماء الورد ، فانتفى عنه اسم الماء المطلق كما انتفى عنه اسم ماء الورد بل صار نوعاً ثالثاً غيرهما. لكن لا يخفى أنّه لم يخرج عن الاضافة ، غايته أنّه لا يسمّى ماء ورد ، ولعلّ ذلك هو المراد للشيخ قدسسره بقوله : فالظاهر إجراء أحكام المضاف عليه ، لأنّ سلب اسم الماء عنه يكفي في عدم ترتيب آثاره.
لكن الأولى أن يقال : يكفي في كونه مضافاً عدم صدق الماء المطلق عليه وإن لم يصدق عليه أنّه ماء ورد ، فتأمّل [ منه قدسسره ].