أُلقي عليه مقدار قليل من التراب ، فإنّ حال هذا الشخص من الماء معلوم لدينا ، وليس هو من قبيل ما في هذه الآنية الذي لا يعلم حاله في كونه خمراً أو خلاً ، كما أنّ مفهوم الماء الكلّي معلوم لدينا أيضاً ولو في الجملة ، بأن يكون مفهومه ارتكازياً ، ومع ذلك نشكّ في صدقه على هذا الشخص من الماء ، فلا تكون الشبهة المذكورة مصداقية ، لما عرفت من العلم بحال هذا الشخص من الماء وأنّه ماء مخلوط بمقدار من التراب ، كما أنّها لا تكون مفهومية لمعرفة المفهوم من الماء لدينا ولو على نحو الارتكاز المعبّر عنه بالإجمال ، فليس المراد بالاجمال هو التردّد بين الأقل والأكثر ، بل المراد هو المعرفة الارتكازية التي تجتمع مع عدم التردّد بين الأقل والأكثر لعدم الالتفات إلى ذلك ، فإنّ عدم الالتفات إلى سعة المفهوم وضيقه هو المراد بالمعرفة الارتكازية ، وحينئذ لابدّ من القول بأنّ هذا النحو من الشبهة هو قسم ثالث نعبّر عنه بالشبهة الصدقية ، هذا.
ولكن لا يخفى أنّ الشكّ في صدق مفهوم الماء على هذا الشخص مع فرض معرفة مفهومه تفصيلاً ومعرفة حال هذا الشخص غير معقول ، فلابدّ من تحليل هذا الشكّ وأنّه ليس براجع إلى عالم المصداق ، بل هو راجع إلى عالم المفهوم ، ويكون الشكّ في صدق المفهوم المذكور عليه شكّاً بدوياً زائلاً بالرجوع إلى ما ارتكز في أذهاننا من ذلك المفهوم ، فإن صحّ حمله عليه استكشفنا سعة ذلك المفهوم بحيث إنّه يشمل مثل هذا ، وإن رأينا بحسب وجداننا عدم صحّة حمله عليه استكشفنا عدم سعة ذلك المفهوم الارتكازي لذلك المصداق ، وحينئذ لا تكون الشبهة إلاّفي المفهوم لكنّها بدوية زائلة بالرجوع إلى المفهوم الارتكازي الحاصل لنا من لفظ الماء ، يعني أنّا ننظر نظراً تفصيلياً إلى ذلك المعنى الاجمالي المرتكز في أذهاننا ، وما هذه المسألة إلاّكمسألة صحّة السلب وعدم