صحّته في استكشاف كون اللفظ حقيقة فيما لا يصحّ سلبه عنه بما له من المفهوم الارتكازي ، وغير حقيقة فيما يصحّ سلبه عنه بما له من المفهوم الارتكازي ، فنحن إذا رجعنا إلى العرف في صدق مفهوم الماء على هذا الماء المخلوط بقليل من التراب فلم نرجع إليهم إلاّفي شبهة مفهومية ، وهم يعملون عين هذه العملية التي شرحناها من أنّهم يأخذون مفهوم الماء بما له من المعنى الارتكازي للماء غير منظور إليه بالتفصيل ، فإن وجدوا صحّة حمل ذلك المفهوم الارتكازي على ذلك المصداق حكموا بسعة ذلك المفهوم الارتكازي ، وأنّه شامل لمثل ذلك المصداق ، وإن وجدوا عدم صحّة حمله عليه حكموا بعدم سعة ذلك المفهوم الارتكازي ، وأنّه لا يشمل مثل ذلك المصداق ، وإن توقّفوا كان محصّل ذلك أنّهم متردّدون في مفهوم الماء بين الأقل والأكثر.
وأمّا الفائدة المترتّبة على تصوير الشبهة الصدقية ، فالذي يظهر من هذا التحرير (١) هو أنّ فائدة ذلك تترتّب على صدق النقض في موارد اختلال بعض قيود الموضوع ، بأن يقال : إنّا وإن لم نستفد من الدليل الدالّ على حرمة العنب مثلاً أنّ للعنبية خصوصية في الموضوعية ، وبقي شكّنا بحاله ، وهو موجب للشكّ في صدق النقض على رفع اليد عن تلك الحرمة عند تحوّله إلى الزبيبية وإن كان مفهوم النقض المنهي عنه واضحاً ، فيكون الشكّ في انطباق دليل الاستصحاب المانع عن النقض على رفع اليد عن تلك الحرمة السابقة من قبيل الشبهة الصدقية ، لكن العرف بعد دعواهم الاتّحاد بين العنبية والزبيبية على وجه يصحّ عندهم أن يقولوا إنّ هذا كان حراماً ، يكون اللازم علينا اتّباعهم في ذلك ، لعدم كون تصرّفهم المذكور راجعاً إلى فهمهم في تعيين المصداق ، بل هو كما عرفت
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٨٢ وما بعدها.