أمّا لو قلنا بأنّ موضوع جواز التقليد هو العدالة ، ولم تؤخذ الحياة قيداً شرعياً فيه ، ولم نكتف بالعدالة إلى حين الممات ، بل أخذنا العدالة العدالة المطلقة ، ولم تؤخذ الحياة قيداً شرعياً في الحكم المذكور ، بل أقصى ما في البين هو توقّف العدالة عقلاً عليها ، فلا حاجة حينئذ إلى استصحاب الحياة ، بل كان استصحاب العدالة كافياً في جواز التقليد وإن لم نحرز الحياة فعلاً. لكن ذلك فرض لا واقعية له ، لأنّ العدالة المأخوذة إن كانت هي العدالة إلى الموت فلا يعقل أن يكون الشكّ فيها مستنداً إلى الشكّ في الحياة ، وإن كانت العدالة إلى حين التقليد ، بحيث قلنا بجواز بقاء العدالة بعد الموت ، لم تكن العدالة متوقّفة على الحياة.
قوله : كما إذا شكّ في أنّ موضوع النجاسة ومعروضها هو ذات الكلب بما له من المادّة الهيولائية ... الخ (١).
الأولى أن يمثّل لذلك بالحطب المتنجّس إذا صار فحماً أو رماداً ، فإنّه لا يجري فيه استصحاب الموضوع ، لعدم إحراز حقيقته وتردّده بين ما هو مرتفع قطعاً إذا كان هو عنوان الحطبية وما هو باقٍ قطعاً إذا كان هو نفس المادّة ، ولا يجري فيه استصحاب الحكم لعدم إحراز بقاء الموضوع ، إلاّ إذا ادّعي أنّ تبدّل الحطب إلى الفحم أو الرماد من قبيل تبدّل الحالات عرفاً. ومثله ما لو ثبت عدالة زيد باجتناب الكبائر والصغائر ثمّ بعد هذا ارتكب الصغيرة ، فإنّ موضوع العدالة إن كان هو ترك الاثنين فقد ارتفع قطعاً ، وإن [ كان ] هو ترك الكبيرة فقط فهو باقٍ قطعاً.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٦٧.