التمر عليه بعد اليبس ، ولكن هذا لو تمّ فلا ينفع أيضاً في تصحيح الاستصحاب ، لأنّه لو تمّ حجّية فهم العرف في هذا الصدق كان ذلك عبارة أُخرى عن كون موضوع الحرمة هو ما يشمل الزبيب ، فلاحظ.
ثمّ لا يخفى أنّ السرّ في تحكيم العرف في الشبهة الصدقية دون الشبهة المصداقية هو ما عرفت من رجوع الشبهة الصدقية إلى الشبهة المفهومية ، غايته أنّها شبهة بدوية زائلة بأقلّ تأمّل ، وينكشف ذلك في حمل المفهوم بما له من المعنى الارتكازي على مورد الشكّ ، وهو عين ما ذكروه في توجيه كون عدم صحّة السلب وصحّة الحمل من أمارات الحقيقة ، فإن زال ذلك الشكّ بهذه الطريقة البسيطة فهو ، وإلاّ بأن بقي العرف متردّداً في صحّة الحمل وعدمه ، كشف ذلك عن استقرار شكّهم وتردّدهم في ذلك المفهوم بين الأقل والأكثر.
وعلى كلّ حال ، أنّ الرجوع إليهم في الشبهة الصدقية إنّما هو رجوع إليهم في الشبهة المفهومية ، وهذا بخلاف الشبهة المصداقية ، ولأجل ذلك قال شيخنا قدسسره فيما حكاه عنه في هذا التحرير بقوله آخر ص ٢١٥ : وأمّا الرجوع إليه في الصدق فهو إنّما يكون في مورد إجمال المفهوم وعدم تشخيص المعنى ، ولابدّ من الرجوع إليه في ذلك ، فإنّ تشخيص المعنى من وظيفة العرف (١) وبذلك يجمع بين هذه الجملة وبين الجملة السابقة عليها أعني مثل قوله : ألا ترى أنّ مفهوم الماء مع أنّه من أوضح المفاهيم العرفية كثيراً ما يحصل الشكّ في صدقه على بعض الأفراد ، كالماء المخلوط بمقدار من التراب على وجه لا يلحقه اسم الطين (٢) فإنّ المراد من كون مفهوم الماء من أوضح المفاهيم هو وضوحه ارتكازاً
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٨١ ـ ٥٨٢.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٥٨١.