السابقة لم يصرّح بهذا التصريح الذي أفاده في هذا الدرس ، وأنّ ما ذكرناه سابقاً راجع إلى هذا الذي أفاده بل هو عينه ، وقد أشار في التقريرات المطبوعة في النجف إلى هذا الذي أفاده قدسسره بقوله : ومن هنا صحّ أن يقال لا وجه للمقابلة بين الدليل والعرف الخ (١).
وهذا هو الذي ينبغي الاعتماد عليه وتوضيحه : هو أنّ هذا التحرير الذي حرّره الشيخ قدسسره وتبعه عليه شيخنا قدسسره وغيره من أنّ الاتّحاد بين موضوع القضية المتيقّنة وموضوع القضية المشكوكة هل هو بحسب العقل أو لسان الدليل أو هو بحسب النظر العرفي ، إنّما يحسن ويتمّ بعد إحراز الموضوع في القضية المتيقّنة ، ثمّ بعد إحرازه يقال لابدّ من اتّحاده مع موضوع القضية المشكوكة ، ثمّ يتكلّم في كيفية ذلك الاتّحاد وهل هو بالدقّة العقلية أو هو بحسب ما يستفاد من نفس دليل الحكم أو هو بحسب النظر العرفي ، أمّا إذا فرضنا أنّ ما هو الموضوع في قضيتنا المتيقّنة غير معلوم لدينا ، وأنّه مردّد بين ذات الماء والتغيّر مثلاً علّة في الحكم ، أو أنّه هو الماء بعنوان المتغيّر ، فكيف نتكلّم حينئذ أنّ المدار في اتّحاد الموضوعين على العقل أو على لسان الدليل أو على العرف.
وحينئذ يكون المتعيّن علينا أوّلاً البحث عن أنّ الذي هو مركب النجاسة وموضوعها ما هو ، هل هو ذات الماء أو هو الماء بعنوان المتغيّر ، والمرجع في تعيين أحد هذين الوجهين ليس هو العقل ، إذ لا مسرح له في تعيين ما هو الموضوع لهذا الحكم الشرعي ، بل المرجع فيه هو ما يفهمه العرف ممّا لديه من الأدلّة أو الفهم العرفي أو القرائن ولو بحسب مناسبة الحكم والموضوع ، وبعد أن أعمل العرف كلّ جهده في استنتاج ما هو الموضوع بأن حكم بأنّه هو المتغيّر
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٨٦.