من سنة إلى سنة » (١).
وفي هذه الرواية إشعار بأنّ المرعي في الكفاف حال السنة ، ففيها تأييد لما قلناه وإن كان الاحتجاج بها لا يخلو من نظر.
فظهر بما ذكرنا أنّ القدرة الدائمة على المئونة غير معتبرة ، مضافا إلى ضعف ذلك القول في نفسه كما عرفت.
وقد يحتج له باندراجه مع انتفاء القدرة كذلك في عنوان الفقير عرفا ؛ لاحتياجه في الجملة ، فيندرج في إطلاق الكتاب والأخبار.
ويضعّفه ـ بعد المنع الظاهر ـ ما عرفت من الروايات المعتضدة بالاحتياط وعمل الأصحاب.
وأمّا الاكتفاء بمجرد ملك النصاب فهو أيضا كسابقه في غاية الضعف ، وإنّما هو من مذاهب العامة مستندا إلى بعض الروايات العامية الغير الدالّة عليه ، وبعض الاعتبارات الواهية.
وذهاب الشيخ إليه غير معلوم ، وعلى فرضه فإطباق الأصحاب من بعده على خلافه كاف في دفعه ، بل الرجوع إلى الإطلاق (٢) كاف في نفيه ؛ إذ ليس معنى الفقير أو المسكين في العرف ما ذكره قطعا.
مضافا إلى ما عرفت من عدم قيام دليل عليه ، بل دلالة الأخبار على خلافه.
وربّما يحتجّ له بصحيحة الفاضلين : « لا تحل لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليها الحول عنده أن يأخذها وإن أخذها أخذها حراما ».
وأنت خبير بأنّه لا ربط للرواية بما ذهب إليه ؛ إذ ليس الأربعون بنفسه نصابا للنفقة ، فلا بدّ من ترك الرواية أو تأويلها بما تصحّ إرادته.
__________________
(١) علل الشرائع ٢ / ٣٧١.
(٢) في ( د ) : « الإطلاقات ».