وكأنّ ذلك مقصود بعض أفاضل المتأخرين حيث ذكر أنّهم يستحقونها أجرة على عملهم ؛ لما عرفت من عدم ذهاب أحد من الأصحاب إليه ، وإنّما هو مذهب لبعض العامة.
هذا ، وليتم الكلام في ذلك برسم امور :
أحدها : أن المراد بالمعاملين السعاة في جباية الصدقات. وعمّه في نهاية الإحكام (١) للساعي والكاتب والقاسم والحاسب والعريف ـ وهو كالنقيب للقبيلة ـ والحاشر ـ وهو الّذي يجمع أرباب الأموال وحافظ المال ، وكلّ من يحتاج إليه فيها ـ ثم ، احتمل في الكيّال والوزّان والعدّاد الأسهام من سهم العاملين ؛ لأنهم سهم ، والمنع لأنّ على المالك توفية الواجب ، فكأنّ العوض عليه في الرد ضميمة أنهم السعاة في تحصيلها بجباية وولاية وكتابة وحفظ وحساب وقسمة وغيرها.
وقد (٢) يستفاد منها التعميم لجميع ما (٣) تلبس بشيء من الأعمال المذكورة وإن استبد كلّ واحد منها.
وفسّره في المدارك (٤) بالساعين في جبايتها وتحصيلها بأخذ وكتابة وحساب وحفظ وقسمة ونحو ذلك ، قال : وقد أجمع علماؤنا وأكثر العامة على استحقاق هؤلاء نصيبا من الزكاة ، وإن كانوا أغنياء.
والوجه في التعميم للجميع صدق العمالة عرفا بفعل أحد الأشياء المذكورة ونحوها.
ويشكل بأنّه قد يدلّ ظهورها فيمن يكون بيده أمر الصدقات في الأخذ من المالك ، والجباية إلى الحاكم دون سائر الخدّام كما للراعي (٥) ، والحارس ونحوهما.
وفي رواية عليّ بن إبراهيم ، عن العالم عليهالسلام أنّهم : « السعاة والجباة في أخذها وجمعها
__________________
(١) نهاية الإحكام ٢ / ٣٨٥.
(٢) لفظة : « قد » زيدت من ( د ).
(٣) في ( د ) : « من ».
(٤) مدارك الأحكام ٥ / ٢٠٨.
(٥) في ( ألف ) : « لو راعى ».