رابعها : أنّه قد ذكر للعامل شروط :
منها : أن يكون أمينا بأن يكون بالغا عاقلا مسلما مؤمنا عدلا ، فلا يصحّ عمالة من لا يجتمع فيه الصفات المذكورة. كذا ذكروه ، وهو إنّما يتم إذا فسّر العامل بالساعي في أخذ الصدقات وجبايتها إلى الامام كما هو المعروف في استعماله ـ حسبما مرّت الإشارة إليه ـ ، وأمّا مع التعميم لسائر الأعمال المتعلقة (١) بالصدقات كما هو ظاهر الجماعة فلا يتمّ الإطلاق المذكور ؛ لظهور أن بعض الأعمال ممّا لا يتوقف على الاعتماد على العامل كالكتابة وجميع أرباب الأموال إذا كانوا معلومين ونحو ذلك من الأعمال الظاهرة ، فينبغي إذن تخصيصه بما إذا كان عاملا على ما يؤتمن عليه.
ومنها : الفقه ، نصّ عليه في الشرائع (٢) والمراد به التفقه فيما يتوليه من العمل كمعرفة قدر الواجب وصفته ونحوهما من الأحكام.
وهذا أيضا لو تمّ فإنّما يتمّ مع تخصيص العامل بما مرّ وأما مع تعميمه لسائر الأعمال فلا بدّ من تقييده بما يتوقف العلم بأدائها على العلم بالحكم.
ثمّ إنّ المراد به مطلق المعرفة بالحكم ولو على سبيل التقليد.
وحكى في المدارك (٣) عن ظاهر المعتبر (٤) الميل إلى عدم اعتباره ، والاكتفاء فيه بسؤال العلماء ، قال : واستحسنه في البيان (٥).
وقد يقال بعدم اشتراط العمالة بها وإن كان من مكمّلاتها ؛ إذ ذاك (٦) وظيفة المالك وإنّما عليه أن يأخذ ما يدفعه المالك إليه.
نعم ، لو توقف العمل عليه كما إذا امتنع المالك وأراد إجباره عليه تمّ ذلك.
__________________
(١) لم ترد في ( ب ) : « المتعلّقة بالصدقات .. مما لا يتوقّف ».
(٢) شرائع الإسلام ١ / ١٢١.
(٣) مدارك الأحكام ٥ / ٢١١.
(٤) المعتبر ٢ / ٥٧١.
(٥) البيان : ١٩٤.
(٦) في ( ب ) : « إدراك » بدل : « إذ ذاك ».